الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبو معمر ، ثنا سفيان ، قال : قال أبو حازم : وجدت الدنيا شيئين ، فشيئا هو لي وشيئا لغيري ، فأما ما كان لغيري فلو طلبته بحيلة السماوات والأرض لم أصل إليه ، فيمنع رزق غيري مني كما يمنع رزقي من غيري .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، ثنا هاشم بن القاسم الأشجعي ، ثنا داود بن أبي الوازع المدني ، عن أبي حازم أنه كان يقول : نظرت في الرزق فوجدته شيئين : شيء هو لي له أجل ينتهي إليه فلن أعجله ولو طلبته بقوة [ ص: 238 ] السماوات والأرض ، وشيء لغيري فلم يصبني فيما مضى فأطلبه فيما بقي ، فشيء يمنع من غيري كما شيء غيري يمنع مني ، ففي أي هذين أفني عمري ؟

              حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا سفيان بن وكيع ، ثنا ابن عيينة ، قال : سمعت أبا حازم يقول : إن كان يغنيك ما يكفيك فأدنى عيشك يكفيك ، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس في الدنيا شيء يغنيك .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن الصباح ، ثنا سفيان ، قال : قال أبو حازم : اشتدت مؤنة الدنيا والدين ، قالوا : يا أبا حازم هذا الدين فكيف الدنيا ؟ قال : لأنك لا تمد يديك إلى شيء إلا وجدت واحدا قد سبقك إليه .

              حدثنا أبو أحمد محمد الجرجاني ، ثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ، أخبرني ابن عبد الحكم أن ابن وهب أخبرهم ، قال : أخبرني حفص بن عمر ، عن ابن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال : كنت مع أبي حازم في الصائفة فأرسل عبد الرحمن بن خالد -وكان أصلح من بقي من أهل بيتنا - إلى أبي حازم أن ائتنا حتى نسائلك وتحدثنا ، فقال أبو حازم : معاذ الله أدركت أهل العلم لا يحملون الدين إلى أهل الدنيا ، فلن أكون بأول من فعل ذلك ، فإن كان لك حاجة فأبلغنا فتصدى له عبد الرحمن وسأل منه وقال له : لقد ازددت علينا بهذا كرامة .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، قال : انظر الذي تحب أن يكون معك في الآخرة فقدمه اليوم ، وانظر الذي تكره أن يكون معك ثم فاتركه اليوم .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا هارون بن معروف ، ثنا ضمرة ، عن ثوابة بن رافع ، قال : قال أبو حازم : ما مضى من الدنيا فحلم ، وما بقي فأماني .

              [ ص: 239 ] حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا بهلول بن إسحاق ، ثنا سعيد بن منصور ، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، قال : كل عمل تكره الموت من أجله فاتركه ، ثم لا يضرك متى مت .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا علي بن عياش ، ثنا محمد بن مطرف ، ثنا أبو حازم ، قال : لا يحسن عبد فيما بينه وبين الله تعالى إلا أحسن الله فيما بينه وبين العباد ، ولا يعور فيما بينه وبين الله تعالى إلا عور الله فيما بينه وبين العباد ، ولمصانعة وجه واحد أيسر من مصانعة الوجوه كلها ، إنك إذا صانعت الله مالت الوجوه كلها إليك وإذا أفسدت ما بينك وبينه شنئتك الوجوه كلها .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا خالي عبد الله بن محمود ، عن عبيد الله بن محمد بن يزيد بن حبيش ، قال : سمعت أبي يذكر أنه بلغه عن أبي حازم أنهم أتوه فقالوا له : يا أبا حازم أما ترى قد غلا السعر ؟ فقال : وما يغمكم من ذلك إن الذي يرزقنا في الرخص هو الذي يرزقنا في الغلاء .

              حدثنا محمد بن أحمد بن عمر ، حدثني أبي ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، حدثني الحارث بن محمد ، عن أبي الحسن المدايني ، قال : قال أبو حازم : من عرف الدنيا لم يفرح فيها برخاء ، ولم يحزن على بلوى .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا عبد الله بن زكريا ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا سهل بن عاصم ، عن داود بن مهران ، عن شهاب بن حراش ، عن محمد بن مطرف ، قال : قال أبو حازم : ما في الدنيا شيء يسرك إلا وقد ألزق به شيء يسوءك .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبو معمر ، ثنا سفيان بن عيينة ، قال : قال أبو حازم : قد رضيت من أحدكم أن يبقي على دينه كما يبقي على نعليه .

              حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا إبراهيم بن سوية ، ثنا سفيان بن وكيع ، [ ص: 240 ] ثنا سفيان بن عيينة ، قال : قال أبو حازم اكتم حسناتك أشد مما تكتم سيئاتك .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني يحيى بن عثمان الحربي ، ثنا بقية بن الوليد ، عن أبي الحجاج المهري يعني رشيد بن سعد ، عن يحيى بن سليم ، قال : قال أبو حازم : ابن آدم ، بعد الموت يأتيك الخبر .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، عن سفيان بن عيينة ، قال : قال أبو حازم : إنما السلطان سوق فما نفق عنده أتى به .

              وأخبرني محمد بن أحمد في كتابه ، ثنا محمد بن عبد الله بن رسته ، ثنا إبراهيم بن المنذر ، ثنا أنس بن عياض ، قال : سمعت أبا حازم قال : إنما الإمام سوق من الأسواق ، إن جاءه الحق نفق وإن جاءه الباطل نفق ، قال إبراهيم : حدثنا أبو عمار هاشم بن غطفان ، قال : إن نفق عنده الباطل جاءه الباطل ، وإن نفق عنده الحق جاءه الحق .

              حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا سفيان بن وكيع ، ثنا ابن عيينة ، قال : دخل أبو حازم على أمير المدينة ، فقال له : تكلم ، فقال له : انظر الناس ببابك إن أدنيت أهل الخير ذهب أهل الشر ، وإن أدنيت أهل الشر ذهب أهل الخير .

              حدثنا أحمد بن محمد بن سنان ، ثنا أبو العباس الثقفي ، ثنا إبراهيم بن سعيد ، ثنا حجاج ، عن سفيان الثوري ، عن أبي حازم ، قال : رضي الناس بالحديث وتركوا العمل .

              حدثنا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا إبراهيم بن خالد ، ثنا محمد بن يحيى المازني ، قال : قال أبو حازم : رضي الناس من العمل بالعلم ، ومن الفعل بالقول .

              حدثنا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني سفيان بن وكيع ، عن ابن عيينة ، قال : قال أبو حازم : إني لأعظ وما أرى للموعظة موضعا ، وما أريد بذلك إلا نفسي .

              [ ص: 241 ] حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا إبراهيم بن محمد ، ثنا سفيان بن وكيع ، ثنا ابن عيينة ، قال : قال أبو حازم : لأنا من أن أمنع الدعاء أخوف مني أن أمنع الإجابة .

              حدثنا أبي ، ثنا أبو الحسن بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، ثنا عصمة بن الفضل ، ثنا يحيى ، عن داود بن المغيرة ، قال : قال أبو حازم : السر أملك بالعلانية من العلانية بالسر ، والفعل أملك بالقول من القول بالفعل .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا سعيد بن المنصور ، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، قال : قال أبو حازم : شيئان إذا عملت بهما أصبت بهما خير الدنيا والآخرة ، ولا أطول عليك ، قيل : وما هما ؟ قال : تحمل ما تكره إذا أحبه الله ، وتكره ما تحب إذا كرهه الله عز وجل .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا إبراهيم بن خالد ، ثنا محمد بن يحيى المازني ، قال : قال أبو حازم : خصلتان من تكفل بهما تكفلت له الجنة ، تركك ما تحب ، واحتمالك ما تكره إذا أحبه الله عز وجل .

              حدثنا محمد بن أحمد ، ثنا الحسن بن محمد ، ثنا أبو زرعة ، ثنا زيد بن بشر ، ثنا ابن وهب ، ثنا ابن زيد - يعني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم - عن أبي حازم ، قال : إن قوما تجنبوا الكثير من الحلال لكثرة شغله ، فما ظنكم بهؤلاء الذين تركوا الحلال ليركبوا الحرام .

              حدثنا محمد بن أحمد بن عمر ، حدثني أبي ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، حدثني محمد بن الحسين ، حدثني يونس بن يحيى الأموي أبو نباتة ، حدثني محمد بن مطرف ، قال : دخلنا على أبي حازم الأعرج لما حضره الموت ، فقلنا : يا أبا حازم كيف تجدك ؟ قال : أجدني بخير راجيا حسن الظن به ، ثم قال : إنه والله لا يستوي من غدا وراح يعمر عقد الآخرة لنفسه فيقدمها أمامه قبل أن ينزل به الموت حتى يقدم عليها فيقوم لها وتقوم له ، ومن غدا وراح في [ ص: 242 ] عقد الدنيا يعمرها لغيره ويرجع إلى الآخرة لا حظ له فيها ولا نصيب .

              حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن سعيد ، ثنا ابن وهب ، أخبرني حفص بن عمر ، عن سعيد بن عبد الرحمن ، قال : سمعت أبا حازم وذكر الدنيا ، قال : لئن نجونا من شر ما أصبنا منها ، ما يضرنا ما زوي عنا منها ، ولئن كنا قد تورطنا فيها ، فما طلب ما بقي منها إلا حمق .

              حدثنا إسحاق بن أحمد ، ثنا إبراهيم بن يوسف ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : سمعت محمد بن إسحاق ، قال : أنبأنا جعفر الموصلي ، قال : قال أبو حازم : إن بضاعة الآخرة كاسدة فاستكثروا منها في أوان كسادها ، فإنه لو قد جاء يوم نفاقها لم تصل منها لا إلى قليل ولا إلى كثير .

              حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا سفيان بن وكيع ، ثنا سفيان بن عيينة ، قال : قال أبو حازم : إن الرجل ليعمل السيئة ما عمل حسنة قط أنفع له منها ، ويعمل الحسنة ما عمل سيئة قط أضر عليه منها .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا إبراهيم بن محمد ، ثنا أحمد بن سعيد ، ثنا ابن وهب ، أخبرني حفص بن عمر ، عن سعيد بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، قال : إن العبد ليعمل الحسنة تسره حين يعملها ، وما خلق الله من سيئة أضر له منها ، وإن العبد ليعمل السيئة حتى تسوءه حين يعملها ، وما خلق الله من حسنة أنفع له منها ، وذلك أن العبد ليعمل الحسنة تسره حين يعملها فيتجبر فيها ويرى أن له بها فضلا على غيره ، ولعل الله تعالى أن يحبطها ويحبط معها عملا كثيرا ، وإن العبد حين يعمل السيئة تسوءه حين يعملها ، ولعل الله تعالى يحدث له بها وجلا يلقى الله تعالى وإن خوفها لفي جوفه باق .

              حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجري ، ثنا عبد الله بن محمد العطشي ، ثنا إبراهيم بن الجنيد ، ثنا أحمد بن إبراهيم بن كثير ، ثنا الهيثم بن جميل ، قال : سمعت سفيان بن عيينة ، يقول : قال أبو حازم : إني لأستحيي من ربي عز وجل أن أسأله شيئا ، فأكون كالأجير السوء إذا عمل طلب الأجرة ، ولكني أعمل تعظيما له .

              [ ص: 243 ] حدثنا محمد بن أحمد بن عمر ، حدثني أبي ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، ثنا محمد بن يحيى بن أبي حاتم الأزدي ، ثنا محمد بن هانئ ، عن بعض أصحابه ، قال : قال رجل لأبي حازم : ما شكر العينين ؟ فقال : إن رأيت بهما خيرا أعلنته ، وإن رأيت بهما شرا سترته ، قال : فما شكر الأذنين ؟ قال :إن سمعت بهما خيرا وعيته ، وإن سمعت بهما شرا دفنته ، قال : ما شكر اليدين ؟ قال : لا تأخذ بهما ما ليس لك ، ولا تمنع حقا لله هو فيهما ، قال : وما شكر البطن ؟ قال :أن يكون أسفله طعاما وأعلاه علما ، قال : وما شكر الفرج ؟ قال : كما قال الله تعالى : ( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) إلى قوله : ( فأولئك هم العادون ) ، قال : فما شكر الرجلين ؟ قال :إن رأيت ميتا غبطته استعملت بهما عمله ، وإن رأيت ميتا مقته كففتهما عن عمله وأنت شاكر لله عز وجل ، فأما من يشكر بلسانه ولم يشكر بجميع أعضائه فمثله كمثل رجل له كساء فأخذ بطرفه ولم يلبسه ، فلم ينفعه ذلك من الحر والبرد والثلج والمطر .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن أحمد بن إسحاق ، ثنا الحسن بن الصباح البزار ، ثنا زيد بن الحباب ، عن مبارك بن فضالة ، عن عبيد الله بن عمر ، عن أبي حازم ، قال : لا تكون عالما حتى يكون فيك ثلاث خصال : لا تبغي على من فوقك ، ولا تحتقر من دونك ، ولا تأخذ على علمك دنيا .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن سعيد ، ثنا ابن وهب ، أخبرني عبد العزيز بن أبي حازم ، قال : سمعت أبي يقول : إن العلماء كانوا فيما مضى من الزمان إذا لقي العالم منهم من هو فوقه في العلم كان يوم غنيمة ، وإذا لقي من هو مثله ذاكره ، وإذا لقي من هو دونه لم يزه عليه ، حتى إذا كان هذا الزمان فهلك الناس .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن العباس ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا سهل بن عاصم ، ثنا فرج بن سعيد الصوفي ، ثنا يوسف بن أسباط ، قال : أخبرني مخبر : أن بعض الأمراء أرسل إلى أبي حازم فأتاه وعنده الإفريقي والزهري وغيرهما ، فقال له : تكلم يا أبا حازم ، فقال أبو حازم : إن خير الأمراء من أحب العلماء ، [ ص: 244 ] وإن شر العلماء من أحب الأمراء ، وإنه كان فيما مضى إذا بعث الأمراء إلى العلماء لم يأتوهم ، وإذا أعطوهم لم يقبلوا منهم ، وإذا سألوهم لم يرخصوا لهم ، وكان الأمراء يأتون العلماء في بيوتهم فيسألونهم فكان في ذلك صلاح للأمراء وصلاح للعلماء ، فلما رأى ذلك ناس من الناس ، قالوا : ما لنا لا نطلب العلم حتى نكون مثل هؤلاء ، فطلبوا العلم فأتوا الأمراء فحدثوهم فرخصوا لهم ، وأعطوهم فقبلوا منهم ، فجرئت الأمراء على العلماء ، وجرئت العلماء على الأمراء .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا عبد الله بن محمد بن العباس ، ثنا سلمة ، ثنا سهل ، ثنا يحيى بن محمد المدني ، ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، قال : قلت لأبي حازم يوما : إني لأجد شيئا يحزنني ، قال : وما هو يا ابن أخي ؟ قلت : حبي الدنيا ، فقال لي : اعلم يا ابن أخي أن هذا الشيء ما أعاتب نفسي على حب شيء حببه الله تعالى إلي ؛ لأن الله عز وجل قد حبب هذه الدنيا إلينا ، ولكن لتكن معاتبتنا أنفسنا في غير هذا ، أن لا يدعونا حبها إلى أن نأخذ شيئا من شيء يكرهه الله ، ولا أن نمنع شيئا من شيء أحبه الله ، فإذا نحن فعلنا ذلك لا يضرنا حبنا إياها .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا عبد الله ، ثنا سلمة ، ثنا سهل ، ثنا محمد بن أبي معشر ، حدثني أبي ، قال أبو حازم : إذا أحببت أخا في الله فأقل مخالطته في دنياه .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا عبد الله بن محمد ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا سهل بن عاصم ، ثنا عبد الله بن الضريس ، قال : قال أبو حازم : إذا رأيت ربك يتابع نعمه عليك وأنت تعصيه فاحذره .

              حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا أبو الحسن بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، ثنا الحسين بن عبد الرحمن ، قال : قيل لأبي حازم ما القرابة ؟ قال : المودة ، قيل [ ص: 245 ] له : فما اللذة ؟ قال : الموافقة ، قيل : فما الراحة ؟ قال : الجدة .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إبراهيم بن محمد ، ثنا أحمد بن سعيد ، ثنا ابن وهب ، أخبرني عبد الله بن عباس ، عن عمرو بن عبد الله القيسي ، عن أبي حازم ، أنه قال : مثل العالم والجاهل مثل البناء والرقاص ، تجد البناء على الشاهق والقصر معه حديدته جالسا ، والرقاص يحمل اللبن والطين على عاتقه على خشبة تحته مهواة لو زل ذهبت نفسه ، ثم يتكلف الصعود بها على هول ما تحته حتى يأتي بها إلى البناء ، فلا يزيد البناء على أن يعد لها بحديدته وبرأيه وبتقديره ، فإذا سلما أخذ البناء تسعة أعشار الأجرة ، وأخذ الرقاص عشرا ، وإن هلك ذهبت نفسه ، فكذا العالم يأخذ أضعاف الأجر بعلمه .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ، قال : سمعت شيخا في مسجد الحارث بن عمير يقول للحارث : سمعت أبا حازم يقول : لما يلقى الذي لا يتقي الله من تقية الناس أشد مما يلقى الذي يتقي الله عز وجل من تقاته ، قال أحمد : وحدثناه إبراهيم بن خالد ، ثنا يحيى بن محمد المازني ، قال : قال أبو حازم مثله .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا هارون بن معروف ، والوليد بن شجاع ، قالا : ثنا ضمرة ، عن ثوابة بن رافع ، قال : قال أبو حازم : وما إبليس ؟ والله لقد عصى فما ضر ، ولقد أطيع فما نفع .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا سعدان بن زيد ، ثنا سهل بن أبي حليمة ، قال : سمعت سفيان يقول : قال أبو حازم : إن يبغضك عدوك المسلم خير لك من أن يحبك خليلك الفاجر .

              حدثنا أبو زرعة محمد بن إبراهيم الإستراباذي ، ثنا أبو نعيم بن عدي ، ثنا أبو يعلى الأصمعي ، ثنا ابن أبي حازم ، قال : قيل لأبي حازم : ما اللذة ؟ قال : الموافقة .

              [ ص: 246 ] أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه ، ثنا محمد بن أيوب ، ثنا الحسين بن الفرج ، ثنا زكريا بن منصور القرظي ، قال : سمعت أبا حازم يقول : كنت ترى حامل القرآن في خمسين رجلا فتعرفه قد مصعه القرآن ، وأدركت القراء الذين هم القراء ، فأما اليوم فليسوا بقراء ، ولكنهم خراء .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا حاتم بن الليث ، ثنا ابن حميد ، ثنا جرير ، قال : كان أبو حازم يمر على الفاكهة في السوق فيشتهيها ، فيقول : موعدك الجنة .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية