الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            السؤال الثالث : لو قال : يتربص المطلقات، لكان ذلك جملة من فعل وفاعل، فما الحكمة في ترك [ ص: 75 ] ذلك، وجعل المطلقات مبتدأ، ثم قوله : ( يتربصن ) بإسناد الفعل إلى الفاعل، ثم جعل هذه الجملة خبرا عن ذلك المبتدأ.

                                                                                                                                                                                                                                            الجواب : قال الشيخ عبد القاهر الجرجاني في كتاب دلائل الإعجاز : إنك إذا قدمت الاسم فقلت : زيد فعل ، فهذا يفيد من التأكيد والقوة ما لا يفيده قولك : فعل زيد؛ وذلك لأن قولك : زيد فعل ، يستعمل في أمرين ، أحدهما : أن يكون لتخصيص ذلك الفاعل بذلك الفعل، كقولك : أنا أكتب في المهم الفلاني إلى السلطان، والمراد دعوى الإنسان الانفراد .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أن لا يكون المقصود ذلك، بل المقصود أن تقديم ذكر المحدث عنه بحديث كذا لإثبات ذلك الفعل، كقولهم : هو يعطي الجزيل ، لا يريد الحصر، بل أن يحقق عند السامع أن إعطاء الجزيل دأبه ، ومثله قوله تعالى : ( والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ) [النحل : 20] ليس المراد تخصيص المخلوقية ، وقوله تعالى : ( وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به ) [المائدة : 61] ، وقول الشاعر :

                                                                                                                                                                                                                                            هما يلبسان المجد أحسن لبسة شجيعان ما اسطاعا عليه كلاهما



                                                                                                                                                                                                                                            والسبب في حصول هذا المعنى عند تقديم ذكر المبتدأ أنك إذا قلت : عبد الله، فقد أشعرت بأنك تريد الإخبار عنه، فيحصل في العقل شوق إلى معرفة ذلك ، فإذا ذكرت ذلك الخبر قبله العقل قبول العاشق لمعشوقه، فيكون ذلك أبلغ في التحقيق ونفي الشبهة.

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية