الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            القيد الثالث : ( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ) وهاهنا سؤال : وهو أن الوفاء بالعهد وترك نقض الميثاق اشتمل على وجوب الإتيان بجميع المأمورات والاحتراز عن كل المنهيات ، فما الفائدة في ذكر هذه القيود المذكورة بعدهما؟

                                                                                                                                                                                                                                            والجواب من وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أنه ذكر لئلا يظن ظان أن ذلك فيما بينه وبين الله تعالى ، فلا جرم أفرد ما بينه وبين العباد بالذكر. والثاني : أنه تأكيد.

                                                                                                                                                                                                                                            إذا عرفت هذا فنقول : ذكروا في تفسيره وجوها :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أن المراد منه صلة الرحم ، قال عليه السلام : ثلاث يأتين يوم القيامة لها ذلق ؛ الرحم تقول : أي رب قطعت ، والأمانة تقول : أي رب تركت ، والنعمة تقول : أي رب كفرت .

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 34 ] والقول الثاني : أن المراد صلة محمد صلى الله عليه وسلم ومؤازرته ونصرته في الجهاد.

                                                                                                                                                                                                                                            والقول الثالث : رعاية جميع الحقوق الواجبة للعباد ، فيدخل فيه صلة الرحم وصلة القرابة الثابتة بسبب أخوة الإيمان ، كما قال : ( إنما المؤمنون إخوة ) [الحجرات : 10] ويدخل في هذه الصلة إمدادهم بإيصال الخيرات ، ودفع الآفات بقدر الإمكان ، وعيادة المريض ، وشهود الجنائز ، وإفشاء السلام على الناس ، والتبسم في وجوههم ، وكف الأذى عنهم ، ويدخل فيه كل حيوان حتى الهرة والدجاجة ، وعن الفضيل بن عياض رحمه الله أن جماعة دخلوا عليه بمكة ، فقال : من أين أنتم؟ قالوا : من خراسان ، فقال : اتقوا الله وكونوا من حيث شئتم ، واعلموا أن العبد لو أحسن كل الإحسان ، وكان له دجاجة فأساء إليها لم يكن من المحسنين .

                                                                                                                                                                                                                                            وأقول : حاصل الكلام أن قوله : ( الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ) إشارة إلى التعظيم لأمر الله ، وقوله : ( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ) إشارة إلى الشفقة على خلق الله .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية