الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            وأما قوله تعالى : ( من الفجر ) فقيل للتبعيض لأن المعتبر بعض الفجر لا كله ، وقيل للتبيين كأنه قيل : الخيط الأبيض الذي هو الفجر .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة السادسة : أن الله تعالى لما أحل الجماع والأكل والشرب إلى غاية تبين الصبح ، وجب أن يعرف أن تبين الصبح ما هو ؟ فنقول : الطريق إلى معرفة تبين الصبح إما أن يكون قطعيا أو ظنيا ، أما القطعي فبأن يرى طلوع الصبح أو يتيقن أنه مضى من الزمان ما يجب طلوع الصبح عنده ، وأما الظني فنقول : إما أن يحصل ظن أن الصبح طلع فيحرم الأكل والشرب والوقاع ، فإن حصل ظن أنه ما طلع كان الأكل والشرب والوقاع مباحا ، فإن أكل ثم تبين بعد ذلك أن ذلك الظن خطأ وأن الصبح كان قد طلع عند ذلك الأكل فقد اختلفوا ، وكذلك إن ظن أن الشمس قد غربت فأفطر ثم تبين أنها ما كانت غاربة ، فقال الحسن : لا قضاء في الصورتين قياسا على ما لو أكل ناسيا ، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي في رواية المزني عنه : يجب القضاء لأنه أمر بالصوم من الصبح إلى الغروب ولم يأت به ، وأما الناسي فعند مالك يجب عليه القضاء ، وأما الباقون الذين سلموا أنه لا قضاء قالوا : مقتضى الدليل وجوب القضاء عليه أيضا ، إلا أنا أسقطناه عنه للنص ، وهو ما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلا قال : أكلت وشربت وأنا صائم فقال عليه الصلاة والسلام : أطعمك الله وسقاك فأنت ضيف الله فتمم صومك .

                                                                                                                                                                                                                                            والقول الثالث : أنه إذا أخطأ في طلوع الصبح لا يجب القضاء ، وإذا أخطأ في غروب الشمس يجب القضاء ، والفرق أن الأصل في كل ثابت بقاؤه على ما كان ، والثابت في الليل حل الأكل ، وفي النهار حرمته ، أما إذا لم يغلب على ظنه لا بقاء الليل ولا طلوع الصبح ، بل بقي متوقفا في الأمرين ، فههنا يكره له الأكل والشرب والجماع ، فإن فعل جاز ، لأن الأصل بقاء الليل والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية