وأما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187من الفجر ) فقيل للتبعيض لأن المعتبر بعض الفجر لا كله ، وقيل للتبيين كأنه قيل : الخيط الأبيض الذي هو الفجر .
المسألة السادسة : أن الله تعالى لما أحل الجماع والأكل والشرب إلى غاية تبين الصبح ، وجب أن يعرف أن تبين الصبح ما هو ؟ فنقول :
nindex.php?page=treesubj&link=32961_852الطريق إلى معرفة تبين الصبح إما أن يكون قطعيا أو ظنيا ، أما القطعي فبأن يرى طلوع الصبح أو يتيقن أنه مضى من الزمان ما يجب طلوع الصبح عنده ، وأما الظني فنقول : إما أن يحصل ظن أن الصبح طلع فيحرم الأكل والشرب والوقاع ، فإن حصل ظن أنه ما طلع كان الأكل والشرب والوقاع مباحا ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=2448أكل ثم تبين بعد ذلك أن ذلك الظن خطأ وأن الصبح كان قد طلع عند ذلك الأكل فقد اختلفوا ، وكذلك إن
nindex.php?page=treesubj&link=2449ظن أن الشمس قد غربت فأفطر ثم تبين أنها ما كانت غاربة ، فقال
الحسن : لا قضاء في الصورتين قياسا على ما لو أكل ناسيا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في رواية
المزني عنه : يجب القضاء لأنه أمر بالصوم من الصبح إلى الغروب ولم يأت به ، وأما الناسي فعند
مالك يجب عليه القضاء ، وأما الباقون الذين سلموا أنه لا قضاء قالوا : مقتضى الدليل وجوب القضاء عليه أيضا ، إلا أنا أسقطناه عنه للنص ، وهو ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011793أن رجلا قال : أكلت وشربت وأنا صائم فقال عليه الصلاة والسلام : أطعمك الله وسقاك فأنت ضيف الله فتمم صومك .
والقول الثالث : أنه إذا أخطأ في طلوع الصبح لا يجب القضاء ، وإذا أخطأ في غروب الشمس يجب القضاء ، والفرق أن الأصل في كل ثابت بقاؤه على ما كان ، والثابت في الليل حل الأكل ، وفي النهار حرمته ، أما إذا لم يغلب على ظنه لا بقاء الليل ولا طلوع الصبح ، بل بقي متوقفا في الأمرين ، فههنا يكره له الأكل والشرب والجماع ، فإن فعل جاز ، لأن الأصل بقاء الليل والله أعلم .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187مِنَ الْفَجْرِ ) فَقِيلَ لِلتَّبْعِيضِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ بَعْضُ الْفَجْرِ لَا كُلُّهُ ، وَقِيلَ لِلتَّبْيِينِ كَأَنَّهُ قِيلَ : الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ الَّذِي هُوَ الْفَجْرُ .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَحَلَّ الْجِمَاعَ وَالْأَكْلَ وَالشُّرْبَ إِلَى غَايَةِ تَبَيُّنِ الصُّبْحِ ، وَجَبَ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ تَبَيُّنَ الصُّبْحِ مَا هُوَ ؟ فَنَقُولُ :
nindex.php?page=treesubj&link=32961_852الطَّرِيقُ إِلَى مَعْرِفَةِ تَبَيُّنِ الصُّبْحِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَطْعِيًّا أَوْ ظَنِّيًّا ، أَمَّا الْقَطْعِيُّ فَبِأَنْ يُرَى طُلُوعُ الصُّبْحِ أَوْ يُتَيَقَّنَ أَنَّهُ مَضَى مِنَ الزَّمَانِ مَا يَجِبُ طُلُوعُ الصُّبْحِ عِنْدَهُ ، وَأَمَّا الظَّنِّيُّ فَنَقُولُ : إِمَّا أَنْ يَحْصُلَ ظَنٌّ أَنَّ الصُّبْحَ طَلَعَ فَيَحْرُمُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْوِقَاعُ ، فَإِنْ حَصَلَ ظَنٌّ أَنَّهُ مَا طَلَعَ كَانَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْوِقَاعُ مُبَاحًا ، فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2448أَكَلَ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الظَّنَّ خَطَأٌ وَأَنَّ الصُّبْحَ كَانَ قَدْ طَلَعَ عِنْدَ ذَلِكَ الْأَكْلِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا ، وَكَذَلِكَ إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2449ظَنَّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ فَأَفْطَرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مَا كَانَتْ غَارِبَةً ، فَقَالَ
الْحَسَنُ : لَا قَضَاءَ فِي الصُّورَتَيْنِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَكَلَ نَاسِيًا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ فِي رِوَايَةِ
الْمُزَنِيُّ عَنْهُ : يَجِبُ الْقَضَاءُ لِأَنَّهُ أُمِرَ بِالصَّوْمِ مِنَ الصُّبْحِ إِلَى الْغُرُوبِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ ، وَأَمَّا النَّاسِي فَعِنْدَ
مَالِكٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ ، وَأَمَّا الْبَاقُونَ الَّذِينَ سَلَّمُوا أَنَّهُ لَا قَضَاءَ قَالُوا : مُقْتَضَى الدَّلِيلِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ أَيْضًا ، إِلَّا أَنَّا أَسْقَطْنَاهُ عَنْهُ لِلنَّصِّ ، وَهُوَ مَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011793أَنَّ رَجُلًا قَالَ : أَكَلْتُ وَشَرِبْتُ وَأَنَا صَائِمٌ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : أَطْعَمَكَ اللَّهُ وَسَقَاكَ فَأَنْتَ ضَيْفُ اللَّهِ فَتَمِّمْ صَوْمَكَ .
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : أَنَّهُ إِذَا أَخْطَأَ فِي طُلُوعِ الصُّبْحِ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ ، وَإِذَا أَخْطَأَ فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ يَجِبُ الْقَضَاءُ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ ثَابِتٍ بَقَاؤُهُ عَلَى مَا كَانَ ، وَالثَّابِتُ فِي اللَّيْلِ حِلُّ الْأَكْلِ ، وَفِي النَّهَارِ حُرْمَتُهُ ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ لَا بَقَاءُ اللَّيْلِ وَلَا طُلُوعُ الصُّبْحِ ، بَلْ بَقِيَ مُتَوَقِّفًا فِي الْأَمْرَيْنِ ، فَهَهُنَا يُكْرَهُ لَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْجِمَاعُ ، فَإِنْ فَعَلَ جَازَ ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللَّيْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .