الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسألة : ( إلا الحائض والنفساء فلا وداع عليهما ، ويستحب لهما الوقوف عند باب المسجد والدعاء بهذا ) .

وجملة ذلك أن المرأة إذا حاضت بعد طواف الإفاضة لم يجب عليها أن تحتبس حتى تودع البيت ، بل لها أن تخرج وهي حائضة من غير وداع ; لما روي عن عائشة قالت : " حاضت صفية بنت حيي بعدما أفاضت ، قالت : فذكرت حيضها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : أحابستنا هي ؟ قلت : يا رسول الله ، إنها أفاضت وطافت بالبيت ، ثم حاضت بعد الإفاضة ، قال : فلتنفر إذا " متفق عليه .

وفي رواية متفق عليها قالت : " لما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينفر ، إذا [ ص: 570 ] صفية على باب خبائها كئيبة حزينة ، قال : " عقرى حلقى ، إنك لحابستنا ، ثم قال لها : أكنت أفضت يوم النحر ؟ قالت : نعم ، قال : فانفري " .

وفي حديث ابن عباس : " إلا أنه خفف عن المرأة الحائض " .

وعنه أيضا : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف بالبيت إذا كانت قد طافت في الإفاضة " . رواه أحمد .

فإن قيل : فقد روى يعلى بن عطاء ، عن الوليد بن عبد الرحمن ، عن الحارث بن عبد الله بن أوس الثقفي قال : " سألت عمر بن الخطاب عن المرأة تطوف بالبيت ثم تحيض ؟ قال : ليكن آخر عهدها الطواف بالبيت ، قال :

[ ص: 571 ] فقال الحارث : كذلك أفتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فقال عمر : أربت عن يديك ، سألتني عن شيء سألت عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكيما أخالف "
رواه أحمد وأبو داود .

قيل : الحارث كان قد سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من حج البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت ، واللفظ ظاهر في العموم ، ثم سأل عمر عن صورة من صور العموم ، وأفتاه بما يطابق العموم ، ولم يعلما أن تلك الصورة مخصوصة من هذا اللفظ ، ولم يذكر الحارث أنه استفتى النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الصورة بعينها ، يبين ذلك ما روي في بعض طرقه عن الحارث هذا قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من حج البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت " فبلغ حديثه عمر فقال له : خررت من يديك ! سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم تخبرنا به ؟ " رواه أحمد ، وابن ماجه ، والترمذي وقال : حديث غريب .

التالي السابق


الخدمات العلمية