الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويجيب أن تكون النية مقارنة للتكبير ; لأنه أول فرض من فروض الصلاة فيجب أن تكون [ النية ] مقارنة له ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) قال الشافعي - رحمه الله - في المختصر ( وإذا أحرم نوى صلاته في حال التكبير لا بعده ولا قبله ) ونقل الغزالي وغيره النص بعبارة أخرى فقالوا : قال الشافعي ( ينوي مع التكبير لا قبله ولا بعده ) . قال أصحابنا : يشترط مقارنة النية مع ابتداء التكبير ، وفي كيفية المقارنة وجهان :

                                      ( أحدهما ) يجب أن يبتدئ النية بالقلب مع ابتداء التكبير باللسان ويفرغ منها مع فراغه منه .

                                      وأصحهما لا يجب ، بل لا يجوز لئلا يخلو أول التكبير عن تمام النية ، فعلى هذا وجهان :

                                      ( أحدهما ) وهو قول أبي منصور بن مهران شيخ أبي بكر الأودني : يجب أن يقدم النية على أول التكبير بشيء يسير لئلا يتأخر أولها عن أول التكبير .

                                      ( والثاني ) وهو الصحيح عند الأكثرين لا يجب ذلك ، بل الاعتبار بالمقارنة وسواء قدم أم لم يقدم ويجب استصحاب النية إلى انقضاء التكبير على الصحيح ، وفيه وجه ضعيف أنه لا يجب . واختار إمام الحرمين والغزالي في البسيط وغيره أنه لا يجب التدقيق المذكور في تحقيق مقارنة النية ، وأنه تكفي المقارنة العرفية العامية بحيث يعد مستحضرا لصلاته غير غافل عنها ، اقتداء بالأولين في تسامحهم في ذلك ، وهذا الذي اختاراه هو المختار والله أعلم .

                                      قال أصحابنا : والنية هي القصد فيحضر في ذهنه ذات الصلاة وما يجب التعرض له من صفاتها ، كالظهرية والفرضية وغيرهما ، ثم يقصد هذه العلوم قصدا مقارنا لأول التكبير ، ويستصحبه حتى يفرغ التكبير ، ولا يجب استصحاب النية بعد التكبير ، ولكن يشترط أن لا يأتي بمناقض لها ، فلو نوى في أثناء صلاته الخروج بطلت صلاته . وقال أبو حنيفة وأحمد : يجوز أن تتقدم النية على التكبير بزمان يسير بحيث لا يعرض شاغل عن [ ص: 243 ] الصلاة ، وقال : يجب أن تتقدم النية على التكبير ويكبر عقبها بلا فصل ولا يجب في حال التكبير . وقال أبو يوسف وغيره من أصحاب أبي حنيفة إذا خرج من منزله قاصدا صلاة الظهر مع الإمام فانتهى إليه وهو في الصلاة فدخل معه فيها ولم يحضره أنها تلك الصلاة أجزأه .

                                      ( فرع ) قال الشيخ أبو حامد في تعليقه في هذا الموضع : قال الشافعي في الكفارة : وينوي مع التكفير أو قبله . قال فمن أصحابنا من قال : يجب أن ينوي في الكفارة مع التكفير كالصلاة . قال : وقول الشافعي أو قبله يعني أو قبيله ، ويستدعي ذكر النية حتى يكون ذاكرا لها حال التكفير . ومن أصحابنا من قال : يجوز تقديم النية قبل التكفير ، وفرق بينها وبين الصلاة بثلاثة أشياء :

                                      ( أحدها ) أن نية الصلاة آكد ، ولهذا يشترط تعينها بخلاف الكفارة .

                                      ( والثاني ) أن الكفارة والزكاة تدخلها النيابة فتدعو الحاجة إلى تقديم نيتهما بخلاف الصلاة .

                                      ( الثالث ) أن الزكاة والكفارة يجوز تقديمهما على وجوبهما فجاز تقديم النية بخلاف الصلاة .




                                      الخدمات العلمية