الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( فإن لم يمكنه رفعهما ( يديه ) أو أمكنه رفع أحدهما أو رفعهما إلى دون المنكب رفع ما أمكنه لقوله صلى الله عليه وسلم { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } وإن كان به علة إذا رفع اليد جاوز المنكب رفع ; لأنه يأتي بالمأمور به وبزيادة هو مغلوب عليها ، وإن نسي الرفع وذكره قبل أن يفرغ من التكبير أتى به ; لأن محله باق ) .

                                      [ ص: 266 ]

                                      التالي السابق


                                      [ ص: 266 ] الشرح ) هذا الحديث رواه البخاري ومسلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه ، وقد سبق بيانه قريبا ، قال أصحابنا : إذا كان أقطع اليدين أو إحداهما من المعصم رفع الساعد ، قال البغوي فإن قطع من المرفق رفع العضد على أصح الوجهين للحديث المذكور ، والثاني : لا يرفع ; لأن العضد لا يرفع في حال الصحة ، وجزم المتولي برفع العضد ، ولو لم يمكنه الرفع إلا بزيادة على المشروع أو نقص أتى بالممكن ، فإن قدر على الزيادة والنقص ولم يقدر على المشروع أتى بالزيادة لما ذكره المصنف . نص عليه الشافعي في الأم واتفق الأصحاب عليه . فإن كانت إحدى يديه مقطوعة من أصلها أو شلاء لا يمكن رفعها رفع الأخرى فإن كانت إحداهما صحيحة والأخرى عليلة فعل بالعليلة ما ذكرناه ، ورفع الصحيحة حذو المنكبين ، نص عليه في الأم ، ولو ترك رفع اليدين عمدا أو سهوا حتى أتى ببعض التكبير رفعهما في الباقي ، فإن أتم التكبير لم يرفع بعده ، نص عليه في الأم واتفقوا عليه .



                                      ( فرع ) في مسائل منثورة تتعلق بالرفع . قال الشافعي رضي الله عنه في الأم استحب الرفع لكل مصل إمام أو مأموم أو منفرد أو امرأة ، قال : وكل ما قلت يصنعه في تكبيرة الإحرام أمرته بصنعه في تكبيرة الركوع ، وفي قوله : سمع الله لمن حمد ، قال : ورفع اليدين في كل صلاة نافلة وفريضة سواء ، قال : ويرفع يديه في تكبيرات الجنازة والعيدين والاستسقاء وسجود القرآن وسجود الشكر ، قال : وسواء في هذا كله صلى أو سجد وهو قائم أو قاعد أو مضطجع يومئ إيماء ، في أنه يرفع يديه ; لأنه في ذلك كله في موضع قيام ، قال : وإن ترك رفع يديه في جميع ما أمرته به أو رفعهما حيث لم آمره في فريضة أو نافلة أو سجود أو عيد أو جنازة كرهت ذلك له ولم يكن عليه إعادة صلاة ولا سجود سهو عمد ذلك أو نسيه أو جهله ; لأنه هيئة في العمل ، وهكذا أقول في كل هيئة عمل تركها ، هذا نصه بحروفه .

                                      قال المتولي ويستحب أن يكون كفه إلى القبلة عند الرفع ، قال البغوي والسنة كشف اليدين عند الرفع قال أصحابنا : والمرأة كالرجل في كل هذا .



                                      ( فرع ) اختلف العلماء في الحكمة في رفع اليدين ، فروى البيهقي [ ص: 267 ] في مناقب الشافعي بإسناده عن الشافعي أنه صلى بجنب محمد بن الحسن فرفع الشافعي يديه للركوع وللرفع منه ، فقال له محمد : لم رفعت يديك ؟ فقال الشافعي إعظاما لجلال الله تعالى ، واتباعا لسنة رسوله ، ورجاء لثواب الله وقال التميمي من أصحابنا في كتابه التحرير في شرح صحيح مسلم : من الناس من قال رفع اليدين تعبد لا يعقل معناه ، ومنهم من قال : هو إشارة إلى التوحيد ، وقال المهلب بن أبي صفرة المالكي في شرح صحيح البخاري : حكمة الرفع عند الإحرام أن يراه من لا يسمع التكبير فيعلم دخوله في الصلاة فيقتدي به ، وقيل : هو استسلام وانقياد ، وكان الأسير إذا غلب مد يديه علامة لاستسلامه ، وقيل : هو إشارة إلى طرح أمور الدنيا والإقبال بكليته على صلاته .




                                      الخدمات العلمية