الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      [ ص: 5 ] باب صلاة العيدين قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( صلاة العيد سنة ، وقال أبو سعيد الإصطخري هي فرض على الكفاية والمذهب الأول ، لما روى طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه " { أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإسلام ، فقال : خمس صلوات كتبهن الله على عباده ، فقال هل علي غيرها ؟ قال : لا إلا أن تطوع } " ولأنها صلاة مؤقتة لا تشرع لها الإقامة ، فلم تجب بالشرع كصلاة الضحى ، فإن اتفق أهل بلد على تركها وجب قتالهم على قول الإصطخري ، وهل يقاتلون على المذهب ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) لا يقاتلون ; لأنه تطوع ، فلا يقاتلون على تركها كسائر التطوع ( والثاني ) يقاتلون ; لأنه من شعائر الإسلام ، ولأن في تركها تهاونا بالشرع ، بخلاف سائر التطوع لأنها تفعل فرادى فلا يظهر تركها كما يظهر في صلاة العيد )

                                      التالي السابق


                                      العيد مشتق من العود ، وهو الرجوع والمعاودة ، لأنه يتكرر ، وهو من ذوات الواو ، وكان أصله عودا - بكسر العين - فقلبت الواو ياء ، كالميقات والميزان ، من الوقت والوزن ، وجمعه أعياد ، قالوا : وإنما جمع بالياء - وإن كان أصله الواو - للزومها في الواحد ، قال الجوهري : وقيل : للفرق بينه وبين أعواد الخشب ( الشرح ) حديث طلحة رواه البخاري ومسلم ، وسبق بيانه وضبط ألفاظه ، ومعناه في أول كتاب الصلاة وأجمع المسلمون على أن صلاة العيد مشروعة وعلى أنها ليست فرض عين ، ونص الشافعي وجمهور الأصحاب على أنها سنة وقال الإصطخري : فرض كفاية ، فإن قلنا : فرض كفاية قوتلوا بتركها ، وإن قلنا : سنة لم يقاتلوا على أصح الوجهين ، وقال أبو إسحاق المروزي [ ص: 6 ] يقاتلون وقد ذكر المصنف دليل الجميع ، ووجه الدلالة من الحديث للمذهب أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره أنه لا فرض سوى الخمس فلو كان العيد فرض كفاية لما أطلق هذا الإطلاق ; لأن فرض الكفاية واجب على جميعهم ، ولكن يسقط الحرج بفعل البعض ، ولهذا لو تركوه كلهم عصوا وقوله : لأنها صلاة مؤقتة احتراز من الجنازة ، وقوله : لا تشرع لها الإقامة احتراز من الصلوات الخمس ، وقوله : فلم تجب بالشرع احتراز من المنذورة وجماهير العلماء من السلف والخلف أن صلاة العيد سنة لا فرض كفاية وأما قول الشافعي في المختصر ( من وجب عليه حضور الجمعة وجب عليه حضور العيدين ) فقال أصحابنا : هذا ليس على ظاهره ، فإن ظاهره أن العيد فرض عين على كل من تلزمه الجمعة ، وهذا خلاف إجماع المسلمين ، فيتعين تأويله ، قال أبو إسحاق : من لزمته الجمعة حتما لزمه العيد ندبا واختيارا ، وقال الإصطخري معناه من لزمته الجمعة فرضا لزمه العيد كفاية ، قال أصحابنا : ومراد الشافعي أن العيد يتأكد في حق من تلزمه الجمعة ( فرع ) في مذاهب العلماء في صلاة العيد ، قد ذكرنا أنها سنة متأكدة عندنا وبه قال مالك وأبو حنيفة وداود وجماهير العلماء ; وقال بعض أصحاب أبي حنيفة : فرض كفاية وعن أحمد روايتان كالمذهبين




                                      الخدمات العلمية