الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( روى المزني رحمه الله أنه يجوز صلاة العيد للمنفرد والمسافر والعبد والمرأة وقال في الإملاء والقديم ، والصيد والذبائح : لا يصلى العيد حيث لا تصلى الجمعة فمن أصحابنا من قال : فيها قولان ( أحدهما ) لا يصلون " { ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بمنى مسافرا يوم النحر فلم يصل } " ولأنها صلاة شرع لها الخطبة واجتماع الكافة فلم يفعلها المسافر كالجمعة ( والثاني ) يصلون وهو الصحيح ، ولأنها صلاة نفل فجاز لهم فعلها كصلاة الكسوف ، ومن أصحابنا من قال : يجوز لهم فعلها قولا واحدا وتأول ما قال في الإملاء والقديم على أنه أراد لا يصلي بالاجتماع والخطبة حيث لا تصلى الجمعة ; لأن في ذلك افتياتا على السلطان )

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث ترك النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيد يوم النحر بمنى صحيح معروف ، وقوله : ( اجتماع الكافة ) ، هذا لحن عند أهل العربية فلا يقال : الكافة ولا كافة الناس ، فلا يستعمل بالألف واللام ولا مضافا ، وإنما يستعمل حالا فيقال اجتماع الناس كافة ; كما قال الله تعالى { ادخلوا في السلم كافة } { وقاتلوا المشركين كافة } { وما أرسلناك إلا كافة للناس } ولا تغترن بكثرة استعمالها لحنا في كتب الفقه والخطب النباتية والمقامات وغيرها ( وقوله ) ( الصيد والذبائح ) هو كتاب من كتب [ ص: 32 ] الأم ( وقوله ) ( صلاة تشرع لها الخطبة واجتماع الكافة فلم يفعلها المسافر ) فيه احتراز من المكتوبات ، ولكنه ينتقض بصلاة الكسوف ( وقوله ) في تعليل القول الآخر ( صلاة نفل ) احتراز من الجمعة ( وأما ) التأويل المذكور ( فمعناه ) أن الشافعي أراد أنه لا يجوز أن يصلي طائفة من الناس في مسجد من مساجد البلد بخطبة واجتماع ، ويتركوا الصلاة مع الإمام وحضور خطبته في الجامع بخلاف الصلوات الخمس ، حيث تفعل في كل مسجد ; لأن في العيد افتياتا بخلاف الخمس ( أما الأحكام ) فهل تشرع صلاة العيد للعبد والمسافر والمرأة والمنفرد في بيته أو في غيره ؟ فيه طريقان ( أصحهما وأشهرهما ) القطع بأنها تشرع لهم ، ودليله ما ذكره المصنف وأجابوا عن ترك النبي صلى الله عليه وسلم بمنى بأنه تركها لاشتغاله بالمناسك ، وتعليم الناس أحكامها ، وكان ذلك أهم من العيد ( والثاني ) فيه قولان ( أحدهما ) هذا ، وهو نصه في معظم كتبه الجديدة ( والثاني ) لا تشرع ، نص عليه في القديم والإملاء ، والصيد والذبائح من الجديد ، قال أصحابنا : فعلى القديم تشترط فيها شروط الجمعة من اعتبار الجمعة والعدد بصفات الكمال وغيرهما إلا أنه يجوز فعلها خارج البلد ، قال الرافعي : ومنهم من منعه ، وهذا غلط ظاهر منابذ للسنة مردود على قائله قال : ومنهم من جوزها بدون أربعين على هذا القول ، وإلا فإن خطبتها بعدها ، وأنه لو تركها صحت صلاته ، فإذا قلنا بالمذهب فصلاها المنفرد لم يخطب على المذهب الصحيح المشهور وبه قطع الجمهور ، وفيه وجه شاذ ضعيف حكاه الرافعي أنه يخطب وإن صلاها مسافرون خطب بهم إمامهم نص عليه في الأم واتفقوا عليه قال الشافعي في الأم : وإن ترك صلاة العيدين ، من فاتته ، أو تركها من لا تجب عليه الجمعة كرهت ذلك له قال : وكذلك الكسوف والله أعلم




                                      الخدمات العلمية