الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف - رحمه الله تعالى ( ويحرم عليه المباشرة فيما دون الفرج ; لأنه إذا حرم عليه النكاح فلأن تحرم المباشرة وهي أدعى إلى الوطء أولى وتجب به الكفارة لما [ ص: 306 ] روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : " من قبل امرأة وهو محرم فليهرق دما " ولأنه فعل محرم في الإحرام فوجبت به الكفارة كالجماع ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) اتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أنه يحرم على المحرم المباشرة بشهوة كالمفاخذة والقبلة واللمس باليد بشهوة قبل التحللين وفيما بين التحللين خلاف سنذكره حيث ذكره المصنف فيما يحل بالتحلل الأول إن شاء الله - تعالى - ومتى ثبت التحريم فباشر عمدا بشهوة لزمته الفدية وهي شاة أو بدلها من الإطعام أو الصيام ولا يلزمه البدنة بلا خلاف سواء أنزل أم لا وإنما تجب البدنة في الجماع ولا يفسد نسكه بالمباشرة بشهوة بلا خلاف سواء أنزل أم لا هذا كله إذا باشر عالما بالإحرام فإن كان ناسيا فلا فدية بلا خلاف ; لأنه استمتاع محض فلا تجب فيه الفدية مع النسيان كالطيب واللباس بخلاف جماع الناسي على قول ضعيف ; لأنه في معنى الاستهلاك ولو باشر دون الفرج ثم جامع هل تندرج الشاة أم يجبان معا ؟ فيه وجهان : ( وأما ) اللمس بغير شهوة ليس بحرام بلا خلاف وينكر على المصنف كونه لم ينبه عليه كما نبه عليه الأصحاب وكما نبه عليه هو في التنبيه ( وأما ) قول الغزالي في الوسيط والوجيز : تحرم كل مباشرة تنقض الوضوء فغلطوه فيه واتفقوا على أنه سهو وليس وجها وسبب التغليط أنه قال : مباشرة تنقض الوضوء فتدخل فيه المباشرة بغير شهوة وليست محرمة بلا خلاف والله أعلم .

                                      ( وأما ) الاستمناء باليد فحرام بلا خلاف ; لأنه حرام في غير الإحرام ففي الإحرام أولى فإن استمنى المحرم فأنزل فهل تلزمه الفدية ؟ فيه وجهان : ( الصحيح ) المشهور لزومها وبه قطع الماوردي وقطع به المصنف في الباب الذي بعدها وقطع به أيضا المصنف في التنبيه وآخرون ; لأنه مباشرة محرمة فأشبه مباشرة المرأة ( والثاني ) لا فدية حكاه إمام الحرمين عن حكاية العراقيين وحكاه أيضا الفوراني والقاضي حسين والمتولي [ ص: 307 ] البغوي وآخرون ; لأنه استمتاع ينفرد به فأشبه الإنزال بالنظر فإنه لا فدية فيه قال البغوي : ويجري الوجهان في تقبيل الغلام بالشهوة : ( الأصح ) وجوب الفدية ( والثاني ) لا قلت : والصواب في الغلام القطع بالوجوب ; لأنها مباشرة لغيره وهي حرام فأشبهت مباشرة المرأة بخلاف الاستمناء فإنه ليس فيه مباشرة لغيره والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية