الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      " السابعة " لا يجوز لمن كانت فتواه نقلا لمذهب إمام إذا اعتمد الكتب أن يعتمد إلا على كتاب موثوق بصحته ، وبأنه مذهب ذلك الإمام ، فإن وثق بأن أصل التصنيف بهذه الصفة لكن لم تكن هذه النسخة معتمدة ، فليستظهر بنسخ منه متفقة ، وقد تحصل له الثقة من نسخة غير موثوق [ ص: 81 ] بها في بعض المسائل إذا رأى الكلام منتظما وهو خبير فطن لا يخفى عليه لدربته موضع الإسقاط والتغيير . فإن لم يجده إلا في نسخة غير موثوق بها فقال أبو عمرو : ينظر فإن وجده موافقا لأصول المذهب ، وهو أهل لتخريج مثله في المذهب لو لم يجده منقولا فله أن يفتي به . فإن أراد حكايته عن قائله فلا يقل : قال الشافعي مثلا كذا ، وليقل : وجدت عن الشافعي كذا ، أو بلغني عنه ، ونحو هذا . وإن لم يكن أهلا لتخريج مثله لم يجز له ذلك ، فإن سبيله النقل المحض ، ولم يحصل ما يجوز له ذلك ، وله أن يذكره لا على سبيل الفتوى مفصحا بحاله ، فيقول . وجدته في نسخة من الكتاب الفلاني ونحوه . قلت : لا يجوز لمفت على مذهب الشافعي إذا اعتمد النقل أن يكتفي بمصنف ومصنفين ونحوهما من كتب المتقدمين وأكثر المتأخرين لكثرة الاختلاف بينهم في الجزم والترجيح ; لأن هذا المفتي المذكور إنما ينقل مذهب الشافعي ، ولا يحصل له وثوق بأن ما في المصنفين المذكورين ونحوهما هو مذهب الشافعي ، أو الراجح منه ; لما فيهما من الاختلاف ، وهذا مما لا يتشكك فيه من له أدنى أنس بالمذهب ، بل قد يجزم نحو عشرة من المصنفين بشيء وهو شاذ بالنسبة إلى الراجح في المذهب ، ومخالف لما عليه الجمهور ، وربما خالف نص الشافعي أو نصوصا له ، وسترى في هذا الشرح إن شاء الله تعالى أمثلة ذلك ، وأرجو إن تم هذا الكتاب أنه يستغنى به عن كل مصنف ويعلم به مذهب الشافعي علما قطعيا إن شاء الله تعالى .

                                      التالي السابق


                                      الخدمات العلمية