الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 150 ) مسألة : قال : وغسل الوجه ، وهو من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن وإلى أصول الأذنين ، ويتعاهد المفصل ، وهو ما بين اللحية والأذن . غسل الوجه واجب بالنص والإجماع ، وقوله : من منابت شعر الرأس ، أي في غالب الناس ، ولا يعتبر كل واحد بنفسه ، بل لو كان أجلح ينحسر شعره عن مقدم رأسه ، غسل إلى حد منابت الشعر في الغالب ، والأفرع الذي ينزل شعره إلى الوجه ، يجب عليه غسل الشعر الذي ينزل عن حد الغالب . وذهب الزهري إلى أن الأذنين من الوجه يغسلان معه ; لقوله عليه السلام : { سجد وجهي لله الذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره . } أضاف السمع إليه كما أضاف البصر .

                                                                                                                                            وقال مالك ما بين اللحية والأذن ليس من الوجه ولا يجب غسله ; لأن الوجه ما تحصل به المواجهة ، وهذا لا يواجه به . قال ابن عبد البر لا أعلم أحدا من فقهاء الأمصار قال بقول مالك هذا . ولنا على الزهري قول النبي صلى الله عليه وسلم : { الأذنان من الرأس } . وفي حديث ابن عباس ، والربيع ، والمقدام ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح أذنيه مع رأسه . } وقد ذكرناهما . ولم يحك أحد أنه غسلهما مع الوجه ، وإنما أضافهما إلى الوجه لمجاورتهما له ، والشيء يسمى باسم ما جاوره .

                                                                                                                                            ولنا على مالك أن هذا من الوجه في حق من لا لحية له ، فكان منه في حق من له لحية كسائر الوجه . وقوله : إن الوجه ما يحصل به المواجهة . قلنا : وهذا يحصل به المواجهة في الغلام . ويستحب تعاهد هذا الموضع بالغسل ; لأنه مما يغفل الناس عنه ، قال المروذي : أراني أبو عبد الله ما بين أذنه وصدغه ، وقال : هذا موضع ينبغي أن يتعاهد . وهذا الموضع مفصل اللحي من الوجه ، فلذلك سماه الخرقي مفصلا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية