الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 296 ] فصل : ويمنع من العيوب في الهدي ما يمنع في الأضحية . قال البراء بن عازب : { قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أربع لا تجوز في الأضاحي : العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلعها ، والكسيرة التي لا تنقى . قال : قلت : إني أكره أن يكون في السن نقص . قال : ما كرهت فدعه ، ولا تحرمه على أحد } رواه أبو داود ، والنسائي . وبهذا قال عطاء ، قال : أما الذي سمعناه فالأربع ، وكل شيء سواهن جائز .

                                                                                                                                            ومعنى قوله : " البين عورها " . أي انخسفت عينها وذهبت ، فإن ذلك ينقصها ; لأن شحمة العين عضو مستطاب ، فلو كان على عينها بياض ولم تذهب العين ، جازت التضحية بها ; لأن ذلك لا ينقصها في اللحم . والعرجاء البين عرجها : التي عرجها متفاحش يمنعها السير مع الغنم ، ومشاركتهن في العلف ، ويهزلها . والتي لا تنقى : التي لا مخ فيها لهزالها . والمريضة : قيل هي الجرباء ; لأن الجرب يفسد اللحم .

                                                                                                                                            وظاهر الحديث أن كل مريضة مرضا يؤثر في هزالها ، أو في فساد لحمها ، يمنع التضحية بها ، وهذا أولى ، لتناول اللفظ له والمعنى . فهذه الأربع لا نعلم بين أهل العلم خلافا في منعها . ويثبت الحكم فيما نقص أكثر من هذه العيوب بطريق التنبيه ، فلا تجوز العمياء ; لأن العمى أكثر من العور ، ولا يعتبر مع العمى انخساف العين ; لأنه يخل بالمشي مع الغنم ، والمشاركة في العلف أكثر من إخلال العرج . ولا يجوز ما قطع منها عضو مستطاب ، كالألية ; لأن ذلك أبلغ في الإخلال بالمقصود من ذهاب شحمة العين .

                                                                                                                                            فأما العضباء ، وهي ما ذهب نصف أذنها أو قرنها ، فلا تجزئ . وبه قال أبو يوسف ومحمد في عضباء الأذن . وعن أحمد : لا تجزئ ما ذهب ثلث أذنها . وبه قال أبو حنيفة .

                                                                                                                                            وروي عن علي ، وعمار ، وسعيد بن المسيب ، والحسن ، تجزئ المكسورة القرن ; لأن ذهاب ذلك لا يؤثر في اللحم ، فأجزأت ، كالجماء . وقال مالك : إن كان يدمى ، لم يجز ، وإلا جاز .

                                                                                                                                            ولنا ، ما روى علي رضي الله عنه قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضحى بأعضب الأذن والقرن } . رواه النسائي وابن ماجه قال قتادة : فسألت سعيد بن المسيب ، فقال : نعم ، العضب النصف فأكثر من ذلك . ويحمل قول علي رضي الله عنه ومن وافقه ، على أن كسر ما دون النصف لا يمنع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية