الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3516 ) فصل : ولا يصح الصلح على ما لا يجوز أخذ العوض عنه ، مثل أن يصالح امرأة لتقر له بالزوجية ; لأنه صلح يحل حراما ، ولأنها لو أرادت بذل نفسها بعوض لم يجز . وإن دفعت إليه عوضا عن هذه الدعوى ليكف عنها ، ففيه وجهان ; أحدهما ، لا يجوز ; لأن الصلح في الإنكار إنما يكون في حق المنكر لافتداء اليمين ، وهذه لا يمين عليها ، وفي حق المدعي بأخذ العوض في مقابلة حقه الذي يدعيه ، وخروج البضع من ملك [ ص: 321 ] الزوج لا قيمة له ، وإنما أجيز الخلع للحاجة إلى افتداء نفسها .

                                                                                                                                            والثاني ، يصح . ذكره أبو الخطاب وابن عقيل ; لأن المدعي يأخذ عوضا عن حقه من النكاح ، فجاز كعوض الخلع والمرأة تبذله لقطع خصومته وإزالة شره ، وربما توجهت اليمين عليها لكون الحاكم يرى ذلك ، أولأنها مشروعة في حقها في إحدى الروايتين ، ومتى صالحته على ذلك ، ثبتت الزوجية بإقرارها أو ببينة ، فإن قلنا : الصلح باطل . فالنكاح باق بحاله ; لأنه لم يوجد من الزوج طلاق ولا خلع . وإن قلنا : هو صحيح . احتمل ذلك أيضا ; ولذلك احتمل أن تبين منه بأخذ العوض ; لأنه أخذ العوض عما يستحقه من نكاحها ، فكان خلعا ، كما لو أقرت له بالزوجية فخالعها .

                                                                                                                                            ولو ادعت أن زوجها طلقها ثلاثا ، فصالحها على مال لتنزل عن دعواها ، لم يجز ; لأنه لا يجوز لها بذل نفسها لمطلقها بعوض ولا بغيره . وإن دفعت إليه مالا ليقر بطلاقها ، لم يجز ، في أحد الوجهين ، وفي الآخر يجوز ، كما لو بذلت له عوضا ليطلقها ثلاثا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية