الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4229 ) فصل : وإذا استأجر أرضا للزراعة مدة ، فانقضت ، وفيها زرع لم يبلغ حصاده ، لم يخل من [ ص: 283 ] حالين : أحدهما أن يكون لتفريط من المستأجر ، مثل أن يزرع زرعا لم تجر العادة بكماله قبل انقضاء المدة ، فحكمه حكم زرع الغاصب ، يخير المالك بعد المدة بين أخذه بالقيمة ، أو تركه بالأجر لما زاد على المدة ; لأنه أبقى زرعه في أرض غيره بعدوانه

                                                                                                                                            وإن اختار المستأجر قطع زرعه في الحال ، وتفريغ الأرض ، فله ذلك ; لأنه يزيل الضرر ، ويسلم الأرض على الوجه الذي اقتضاه العقد . وذكر القاضي ، أن على المستأجر نقل الزرع وتفريغ الأرض ، وإن اتفقا على تركه بعوض أو غيره ، جاز . وهذا مذهب الشافعي ، بناء على قوله في الغاصب . وقياس مذهبنا ما ذكرناه .

                                                                                                                                            الحال الثاني أن يكون بقاؤه بغير تفريط ، مثل أن يزرع زرعا ينتهي في المدة عادة ، فأبطأ لبرد أو غيره ، فإنه يلزم المؤجر تركه إلى أن ينتهي ، وله المسمى وأجر المثل لما زاد ، وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي

                                                                                                                                            والوجه الثاني ، قالوا : يلزمه نقله ; لأن المدة ضربت لنقل الزرع ، فيلزم العمل بموجبه ، وقد وجد منه تفريط ; لأنه كان يمكنه أن يستظهر في المدة ، فلم يفعل . ولنا أنه حصل الزرع في أرض غيره بإذنه ، من غير تفريط ، فلزم تركه ، كما لو أعاره أرضا فزرعها ، ثم رجع المالك قبل كمال الزرع . وقولهم : إنه مفرط . غير صحيح ; لأن هذه المدة التي جرت العادة بكمال الزرع فيها ، وفي زيادة المدة تفويت زيادة الأجر بغير فائدة ، وتضييع زيادة متيقنة لتحصيل شيء متوهم على خلاف العادة هو التفريط ، فلم يكن تركه تفريطا

                                                                                                                                            ومتى أراد المستأجر زرع شيء لا يدرك مثله في مدة الإجارة ، فللمالك منعه ; لأنه سبب لوجود زرعه في أرضه بغير حق ، فملك منعه منه . فإن زرع ، لم يملك مطالبته بقلعه قبل المدة ; لأنه في أرض يملك نفعها ، ولأنه لا يملك ذلك بعد المدة ، فقبلها أولى . ومن أوجب عليه قطعه بعد المدة قال : إذا لم يكن بد من المطالبة بالنقل ، فليكن عند المدة التي يستحق تسليمها إلى المؤجر فارغة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية