الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4972 ) فصل : ودية المقتول موروثة عنه ، كسائر أمواله ، إلا أنه اختلف فيها عن علي ، فروي عنه مثل قول الجماعة ، وعنه لا يرثها إلا عصباته الذين يعقلون عنه . وكان عمر يذهب إلى هذا ، ثم رجع عنه ، لما بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم توريث المرأة من دية زوجها . قال سعيد ، حدثنا سفيان ، حدثنا الزهري ، سمع سعيد بن المسيب ، يقول : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : الدية للعاقلة ، ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا { . فقال له الضحاك الكلابي : كتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها أشيم } . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .

                                                                                                                                            وروى الإمام أحمد بإسناده ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { قضى إن العقل ميراث بين ورثة القتيل على فرائضهم } . وبإسناده عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { المرأة ترث من مال زوجها وعقله ، ويرث هو من مالها وعقلها ، ما لم يقتل واحد منهما صاحبه } إلا أن في إسناده رجلا مجهولا .

                                                                                                                                            وقال إبراهيم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : الدية على الميراث ، والعقل على العصبة } . وقال أبو ثور : هي على الميراث ، ولا تقضى منها ديونه ، ولا تنفذ منها وصاياه . وعن أحمد نحو من هذا . وقد ذكر الخرقي في من أوصى بثلث ماله لرجل ، فقتل ، وأخذت ديته ، فللموصى له بالثلث ثلث الدية ، في إحدى الروايتين

                                                                                                                                            والأخرى ، ليس لمن أوصى له بالثلث من الدية شيء ، ومبنى هذا على أن الدية ملك الميت ، أو على ملك الورثة ابتداء ؟ وفيه روايتان ; إحداهما ، أنها تحدث على ملك الميت ; لأنها بدل نفسه ، فيكون بدلها له ، كدية أطرافه المقطوعة منه في الحياة ولأنه لو أسقطها عن القاتل بعد جرحه إياه ، كان صحيحا ، وليس له إسقاط حق الورثة ، ولأنها مال موروث ، فأشبهت سائر أمواله . والأخرى ، أنها تحدث على ملك الورثة ابتداء ; لأنها إنما تستحق [ ص: 263 ] بعد الموت .

                                                                                                                                            وبالموت تزول أملاك الميت الثابتة له ، ويخرج عن أن يكون أهلا للملك ، وإنما يثبت الملك لورثته ابتداء . ولا أعلم خلافا في أن الميت يجهز منها ، إن كان قبل تجهيزه ; لأنه لو لم يكن له شيء ، لوجب تجهيزه على من عليه نفقته لو كان فقيرا ، فأولى أن يجب ذلك في ديته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية