الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5065 ) مسألة ; قال : ( ولو كان في يده وديعة ، فادعاها نفسان ، فقال : أودعني أحدهما [ ص: 310 ] ولا أعرفه عينا . أقرع بينهما ، فمن خرجت له القرعة حلف أنها له ، وسلمت إليه ) وجملته أن من كانت عنده وديعة ، فادعاها نفسان ، فأقر بها لأحدهما ، سلمت إليه ; لأن يده دليل ملكه ، فلو ادعاها لنفسه ، كان القول قوله . فإذا أقر بها لغيره ، وجب أن يقبل ، ويلزمه أن يحلف للآخر ; لأنه منكر لحقه ، فإن حلف برئ ، وإن نكل لزمه أن يغرم له قيمتها .

                                                                                                                                            لأنه فوتها عليه . وكذلك لو أقر للثاني بها بعد أن أقر بها للأول ، سلمت إلى الأول ; لأنه استحقها بإقراره ، وغرم قيمتها للثاني . نص على هذا أحمد . وإن أقر بها لهما جميعا ، فهي بينهما ، ويلزمه اليمين لكل واحد منهما في نصفها . وإن قال : هي لأحدهما لا أعرفه عينا . فاعترفا له بجهله ، تعين المستحق لها ، فلا يمين عليه . وإن ادعيا معرفته ، فعليه يمين واحدة أنه لا يعلم ذلك . وقال أبو حنيفة : يحلف يمينين ، كما لو أنكر أنها لهما . ولنا ، أن الذي يدعى عليه أمر واحد ، وهو العلم بعين المالك ، فكفاه يمين واحدة كما لو ادعياها فأقر بها لأحدهما ، ويفارق ما إذا أنكرها .

                                                                                                                                            لأن كل واحد منهما يدعي عليه أنها له ، فهما دعويان ، فإن حلف أقرع بينهما ، فمن قرع صاحبه حلف ، وسلمت إليه . وقال الشافعي : يتحالفان ، ويوقف الشيء بينهما حتى يصطلحا . وهو قول ابن أبي ليلى ; لأنه لا يعلم المالك منهما . وللشافعي قول آخر ، أنها تقسم بينهما ، كما لو أقر بها لهما . وهذا الذي حكاه ابن المنذر عن ابن أبي ليلى ، وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه فيما حكي عنهم ، قالوا : ويضمن المستودع نصفها لكل واحد منهما ; لأنه فوت ما استودع بجهله .

                                                                                                                                            ولنا ، أنهما تساويا في الحق فيما ليس بأيديهما ، فوجب أن يقرع بينهما ، كالعبدين إذا أعتقهما في مرضه فلم يخرج من الثلث إلا أحدهما ، أو كما لو أراد السفر بإحدى نسائه وقول أبي حنيفة ليس بصحيح ; فإن العين لم تتلف ، ولو تلفت بغير تفريط منه فلا ضمان عليه ، وليس في جهله تفريط ، إذ ليس في وسعه أن لا ينسى ولا يجهل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية