الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5128 ) فصل : ويستحب تفريقها على ما أمكن من الأصناف ، ليخرج من الخلاف ، وتعميم من أمكن من كل صنف .

                                                                                                                                            فإن كان المتولي لتفريقها الساعي ، استحب إحصاء أهل السهمان من عمله ، حتى يكون فراغه من قبض الصدقات بعد تناهي أسمائهم ، وأنسابهم ، وحاجاتهم ، وقدر كفاياتهم ، لتكون تفرقته عقيب جمع الصدقة . ويبدأ بإعطاء العامل ; لأنه يأخذه على طريق المعاوضة ، فكان استحقاقه أقوى ، ولذلك إذا عجزت الصدقة عن أجره ، تمم له من بيت المال ، ولأن ما يأخذه أجر . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : { أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه } . ثم بالأهم فالأهم ، وأهمهم أشد حاجة ، فإن كانت الصدقة تفي بحاجة جميعهم ، أعطى كل إنسان منهم قدر ما يدفع به حاجته ، فيعطي الفقير ما يغنيه ، وهو ما تحصل له به الكفاية في عامه ذلك ، له ولعياله ، ويعطي المسكين ما تتم به الكفاية .

                                                                                                                                            إلا أن يعطيه من الذهب أو الورق ، ففيه روايتان ; إحداهما ; يعطيه ما تتم به الكفاية ، والثانية ، لا يزيده على خمسين درهما ، أو قيمتها من الذهب ، إلا أن يكون له عيال ، فيدفع إليه لكل واحد منهم خمسين درهما ، ويدفع إلى العامل قدر أجره ، وإلى الغارم ما يقضي به غرمه ، وإلى المكاتب ما يوفي كتابته ، والغازي يعطى ما يحتاج إليه لمؤنة غزوه ، وابن السبيل ما يبلغه إلى بلده . وإن نقصت الصدقة عن كفايتهم ، فرق فيهم على حسب ما يرى . ويستحب أن لا ينقص من كل صنف عن أقل من ثلاثة ; لأنهم أقل الجمع ، إلا العامل ، فإنه يكون واحدا .

                                                                                                                                            وإن فضلت الصدقة عن كفايتهم ، نقل الفاضل إلى أقرب البلاد إليه . وإن كان المتولي لتفريقها ربها ، فيستحب أن يبدأ بأهلها من أهله ، ويفرقها في الأهم فالأهم ، وهو من اشتدت حاجته ، وقرب منه نسبه ، ويعطي من أمكنه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية