الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5785 ) فصل : وإن قالت : طلقني واحدة بألف . فطلقها ثلاثا . استحق الألف . وقال محمد بن الحسن : قياس قول أبي حنيفة إنه لا يستحق شيئا ; لأن الثلاث مخالفة للواحدة ، لأن تحريمها لا يرتفع إلا بزوج وإصابة ، وقد لا تريد ذلك ، ولا تبذل العوض فيه ، فلم يكن ذلك إيقاعا لما استدعته ، بل هو إيقاع مبتدأ ، فلم يستحق به عوضا . ولنا ، أنه أوقع ما استدعته وزيادة ; لأن الثلاث واحدة واثنتان . وكذلك لو قال : طلقي نفسك ثلاثا . فطلقت نفسها واحدة ، وقع ، فيستحق العوض بالواحدة ، وما حصل من الزيادة التي لم تبذل العوض فيها لا يستحق بها شيئا .

                                                                                                                                            فإن قال لها : أنت طالق بألف ، وطالق ، وطالق . وقعت الأولى بائنة ، ولم تقع الثانية ، ولا الثالثة ; لأنهما جاءا بعد بينونتها . وهذا مذهب الشافعي . وإن قال لها : أنت طالق وطالق وطالق بألف . وقع الثلاث . وإن قال : أنت طالق وطالق وطالق . ولم يقل بألف . قيل له أيتهن أوقعت بالألف ؟ فإن قال : الأولى . بانت بها ، ولم يقع ما بعدها . وإن قال : الثانية . بانت بها ، ووقعت بها طلقتان ، ولم تقع الثالثة . وإن قال : الثالثة . وقع الكل . وإن قال : نويت أن الألف في مقابلة الكل . بانت بالأولى وحدها . ولم يقع بها ما بعدها ; لأن الأولى حصل في مقابلتها عوض ، وهو قسطها من الألف ، فبانت بها ، وله ثلث الألف ; لأنه رضي بأن يوقعها بذلك ، مثل أن تقول : طلقني بألف . فيقول : أنت طالق بخمسمائة . هكذا ذكره القاضي . وهو مذهب الشافعي .

                                                                                                                                            ويحتمل أن [ ص: 264 ] يستحق الألف ; لأنه أتى بما بذلت العوض فيه بنية العوض ، فلم يسقط بعضه بنيته ، كما لو قالت : رد عبدي بألف فرده ينوي خمسمائة . وإن لم ينو شيئا ، استحق الألف بالأولى ، ولم يقع بها ما بعدها . ويحتمل أن تقع الثلاث ; لأن الواو للجمع ، ولا تقتضي ترتيبا ، فهو كقوله : أنت طالق ثلاثا بألف . وكذلك لو قال ذلك لغير مدخول بها ، أو قال : أنت طالق وطالق وطالق بألف طلقت ثلاثا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية