الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5820 ) فصل : وإن طلق ثلاثا بكلمة واحدة ، وقع الثلاث ، وحرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره ، ولا فرق بين قبل الدخول وبعده . روي ذلك عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، وابن عمر ، وعبد الله بن عمرو ، وابن مسعود ، وأنس . وهو قول أكثر أهل العلم من التابعين والأئمة بعدهم . وكان عطاء ، وطاوس ، وسعيد بن جبير ، وأبو الشعثاء ، وعمرو بن دينار ، يقولون : من طلق البكر ثلاثة فهي واحدة . وروى طاوس عن ابن عباس ، قال { : كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر ، طلاق الثلاث واحدة } . رواه أبو داود

                                                                                                                                            وروى سعيد بن جبير ، وعمرو بن دينار ، ومجاهد ، ومالك بن الحارث ، عن ابن عباس ، خلاف رواية طاوس ، أخرجه أيضا أبو داود . وأفتى ابن عباس بخلاف ما رواه عنه طاوس . وقد ذكرنا حديث ابن عمر : أرأيت لو طلقتها ثلاثا . وروى الدارقطني ، بإسناده عن عبادة بن الصامت ، قال : { طلق بعض آبائي امرأته ألفا ، فانطلق بنوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، إن أبانا طلق أمنا ألفا ، فهل له مخرج ؟ فقال : إن أباكم لم يتق الله فيجعل له من أمره مخرجا ، بانت منه بثلاث على غير السنة ، وتسعمائة وسبعة وتسعون إثما في عنقه } .

                                                                                                                                            ولأن النكاح ملك يصح إزالته متفرقا ، فصح مجتمعا ، كسائر الأملاك . فأما حديث ابن عباس ، فقد صحت الرواية عنه بخلافه ، وأفتى أيضا بخلافه . قال الأثرم : سألت أبا عبد الله ، عن حديث ابن عباس ، بأي شيء تدفعه ؟ فقال : أدفعه برواية الناس عن ابن عباس من وجوه خلافه . ثم ذكر عن عدة ، عن ابن عباس من وجوه ، أنها ثلاث . وقيل : معنى حديث ابن عباس ، أن الناس كانوا يطلقون واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، وإلا فلا يجوز أن يخالف عمر ما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، ولا يسوغ لابن عباس أن يروي هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويفتي بخلافه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية