الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5829 ) مسألة ; قال : ( ولو قال لها ، وهي حائض ، ولم يدخل بها : أنت طالق للسنة . طلقت من وقتها ; لأنه لا سنة فيه ولا بدعة ) قال ابن عبد البر : أجمع العلماء أن طلاق السنة إنما هو للمدخول بها ، أما غير المدخول بها ، فليس لطلاقها سنة ولا بدعة ، إلا في عدد الطلاق ، على اختلاف بينهم فيه ; وذلك لأن الطلاق في حق المدخول بها إذا كانت [ ص: 286 ] من ذوات الأقراء إنما كان له سنة وبدعة ; لأن العدة تطول عليها بالطلاق في الحيض ، وترتاب بالطلاق في الطهر الذي جامعها فيه ، وينتفي عنها الأمران بالطلاق في الطهر الذي لم يجامعها فيه ، أما غير المدخول بها ، فلا عدة عليها تنفي تطويلها أو الارتياب فيها ، وكذلك ذوات الأشهر ; كالصغيرة التي لم تحض ، والآيسات من المحيض لا سنة لطلاقهن ولا بدعة ; لأن العدة لا تطول بطلاقها في حال ، ولا تحمل فترتاب .

                                                                                                                                            وكذلك الحامل التي استبان حملها ، فهؤلاء كلهن ليس لطلاقهن سنة ولا بدعة من جهة الوقت ، في قول أصحابنا . وهو مذهب الشافعي ، وكثير من أهل العلم . فإذا قال لإحدى هؤلاء : أنت طالق للسنة أو للبدعة . وقعت الطلقة في الحال ، ولغت الصفة ; لأن طلاقها لا يتصف بذلك ، فصار كأنه قال : أنت طالق . ولم يزد .

                                                                                                                                            وكذلك إن قال : أنت طالق للسنة والبدعة . أو قال : أنت طالق لا للسنة ولا للبدعة . طلقت في الحال ; لأنه وصف الطلقة بصفتها . ويحتمل كلام الخرقي أن يكون للحامل طلاق سنة ; لأنه طلاق أمر به بقوله عليه السلام : " ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا " . وهو أيضا ظاهر كلام أحمد ، فإنه قال : أذهب إلى حديث سالم عن أبيه . يعني هذا الحديث . ولأنها في حال انتقلت إليها بعد زمن البدعة ، ويمكن أن تنتقل عنها إلى زمان البدعة ، فكان طلاقها طلاق سنة ، كالطاهر من الحيض من غير مجامعة .

                                                                                                                                            ويتفرع من هذا ، أنه لو قال لها : أنت طالق للبدعة . لم تطلق في الحال ، فإذا وضعت الحمل طلقت ; لأن النفاس زمان بدعة ، كالحيض .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية