الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5834 ) فصل : فإن قال : أنت طالق أحسن الطلاق ، أو أجمله ، أو أعدله ، أو أكمله ، أو أتمه ، أو أفضله ، أو قال : طلقة حسنة ، أو جميلة ، أو عدلة أو سنية . كان ذلك كله عبارة عن طلاق السنة . وبه قال الشافعي . وقال محمد بن الحسن : إذا قال : أعدل الطلاق أو أحسنه ، ونحوه ، كقولنا . وإن قال : طلقة سنية أو عدلة . وقع الطلاق في الحال ; لأن الطلاق لا يتصف بالوقت ، والسنة والبدعة وقت ، فإذا وصفها بما لا تتصف به ، سقطت الصفة ، كما لو قال لغير المدخول بها : أنت طالق طلقة رجعية . أو قال لها : أنت طالق للسنة أوالبدعة .

                                                                                                                                            ولنا ، أن ذلك عبارة عن طلاق السنة ، ويصح وصف الطلاق بالسنة والحسن ; لكونه في ذلك الوقت موافقا للسنة ، مطابقا للشرع ، فهو كقوله : أحسن الطلاق . وفارق قوله : طلقة رجعية ; لأن الرجعة لا تكون إلا في عدة ، ولا عدة لها ، فلا يحصل ذلك بقوله . فإن قال : نويت بقولي : أعدل الطلاق . وقوعه في حال الحيض ; لأنه أشبه بأخلاقها القبيحة ، ولم أرد الوقت . وكانت في الحيض ، وقع الطلاق ; لأنه إقرار على نفسه بما فيه تغليظ . وإن كانت في حال السنة ، دين فيما بينه وبين الله تعالى .

                                                                                                                                            وهل يقبل في الحكم ؟ على وجهين ، كما تقدم . ( 5835 ) فصل : فإن عكس ، فقال : أنت طالق أقبح الطلاق ، وأسمجه ، أو أفحشه ، أو أنتنه ، أو أردأه . [ ص: 288 ] حمل على طلاق البدعة ، فإن كانت في وقت البدعة ، وإلا وقف على مجيء زمان البدعة . وحكي عن أبي بكر أنه يقع ثلاثا ، إن قلنا : إن جمع الثلاث بدعة . وينبغي أن تقع الثلاث في وقت البدعة ; ليكون جامعا لبدعتي الطلاق ، فيكون أقبح الطلاق .

                                                                                                                                            وإن نوى بذلك غير طلاق البدعة ، نحو أن يقول : إنما أردت أن طلاقك أقبح الطلاق ; لأنك لا تستحقينه ; لحسن عشرتك ، وجميل طريقتك . وقع في الحال . وإن قال : أردت بذلك طلاق السنة ، ليتأخر الطلاق عن نفسه إلى زمن السنة . لم يقبل ; لأن لفظه لا يحتمله . وإن قال : أنت طالق طلقة حسنة قبيحة ، فاحشة جميلة ، تامة ناقصة . وقع في الحال ; لأنه وصفها بصفتين متضادتين ، فلغيا ، وبقي مجرد الطلاق .

                                                                                                                                            فإن قال : أردت أنها حسنة لكونها في زمان السنة ، وقبيحة لإضرارها بك . أو قال أردت أنها حسنة لتخليصي من شرك وسوء خلقك ، وقبيحة لكونها في زمان البدعة . وكان ذلك يؤخر وقوع الطلاق عنه ، دين وهل يقبل في الحكم ؟ يخرج على وجهين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية