الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5929 ) فصل : وإن قال لها : كلما طلقتك فأنت طالق . فهذا حرف يقتضي التكرار ، فإذا قال لها بعد ذلك : أنت طالق . وقع بها طلقتان ، إحداهما بالمباشرة ، والأخرى بالصفة . ولا تقع ثالثة ; لأن الثانية لم تقع بإيقاعه بعد عقد الصفة ، لأن قوله : كلما طلقتك . يقتضي كلما أوقعت عليك الطلاق . وهذا يقتضي تجديد إيقاع طلاق بعد هذا القول ، وإنما وقعت الثانية بهذا القول . وإن قال لها بعد عقد الصفة : إن خرجت فأنت طالق . فخرجت ، طلقت بالخروج طلقة ، وبالصفة أخرى ; لأنه قد طلقها ، ولم تقع الثالثة . وإن قال لها : كلما أوقعت [ ص: 331 ] عليك طلاقا فأنت طالق . فهو بمنزلة قوله : كلما طلقتك فأنت طالق . وذكر القاضي في هذه ، أنه إذا وقع عليها طلاقه بصفة عقدها بعد قوله : إذا أوقعت عليك طلاقا فأنت طالق . لم تطلق ; لأن ذلك ليس بإيقاع منه . وهذا قول بعض أصحاب الشافعي . وفيه نظر ; فإنه قد أوقع الطلاق عليها بشرط ، فإذا وجد الشرط فهو الموقع للطلاق عليها ، فلا فرق بين هذا وبين قوله : إذا طلقتك فأنت طالق .

                                                                                                                                            وإن قال : كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق . ثم وقعت عليها طلقة بالمباشرة ، أو بصفة عقدها قبل ذلك أو بعده ، طلقت ثلاثا . فلو قال لها : إن خرجت فأنت طالق . ثم قال : كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق . ثم خرجت ، وقعت عليها طلقة بالخروج ، ثم وقعت الثانية بوقوع الأولى ، ثم وقعت الثالثة بوقوع الثانية ; لأن كلما تقتضي التكرار ، وقد عقد الصفة بوقوع الطلاق ، فكيفما وقع يقتضي وقوع أخرى . ولو قال لها : إذا طلقتك فأنت طالق ، ثم قال : إذا وقع عليك طلاقي فأنت طالق . ثم قال : أنت طالق . طلقت ثلاثا ; واحدة بالمباشرة ، واثنتين بالصفتين ; لأن تطليقه لها يشتمل على الصفتين ; هو تطليق منه ، وهو وقوع طلاقه ، ولأنه إذا قال : أنت طالق . طلقت بالمباشرة واحدة ، فتطلق الثانية بكونه طلقها ، وذلك طلاق منه واقع عليها ، فتطلق به الثالثة . وهذا كله في المدخول بها .

                                                                                                                                            فأما غير المدخول بها ، فلا تطلق إلا واحدة في جميع هذا . وهذا كله مذهب الشافعي ، وأصحاب الرأي ، ولا نعلم فيه مخالفا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية