الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6486 ) فصل : وإن طلق الرجل امرأته ، فادعت أنها حامل ، لتكون لها النفقة أنفق عليها ثلاثة أشهر ، ثم ترى القوابل بعد ذلك ; لأن الحمل يبين بعد ثلاثة أشهر ، إلا أن تظهر براءتها من الحمل بالحيض أو بغيره فتنقطع نفقتها ، كما تنقطع إذا قال القوابل : ليست حاملا . ويرجع عليها بما أنفق ; لأنها أخذت منه ما لا تستحقه ، فرجع عليها ، كما لو ادعت عليه دينا وأخذته منه ، ثم تبين كذبها .

                                                                                                                                            وعن أحمد ، رواية أخرى : لا يرجع عليها ; لأنه أنفق عليها بحكم آثار النكاح ، فلم يرجع به ، كالنفقة في النكاح الفاسد إذا تبين فساده وإن علمت براءتها من الحمل بالحيض ، فكتمته ، فينبغي أن يرجع عليها ، قولا واحدا ; لأنها أخذت النفقة مع علمها ببراءته منها كما لو أخذتها من ماله بغير علمه .

                                                                                                                                            وإن ادعت الرجعية الحمل ، فأنفق عليها أكثر من مدة عدتها ، رجع عليها بالزيادة ، ويرجع في مدة العدة إليها ; لأنها أعلم بها فالقول قولها فيها مع يمينها . فإن قالت : قد ارتفع حيضي ، ولم أدر ما رفعه . فعدتها سنة إن كانت حرة . وإن قالت : قد انقضت بثلاثة قروء . وذكرت آخرها ، فلها النفقة إلى ذلك ، ويرجع عليها بالزائد . وإن قالت : لا أدري متى آخرها . رجعنا إلى عادتها ، فحسبنا لها بها . وإن قالت : عادتي تختلف فتطول وتقصر . انقضت العدة بالأقصر ; لأنه اليقين . وإن قالت : عادتي تختلف ، ولا أعلم . رددناها إلى غالب عادات النساء ، في كل شهر قرء ; لأنا رددنا المتحيرة إلى ذلك في أحكامها ، فكذلك هذه .

                                                                                                                                            وإن بان أنها حامل من غيره ، مثل أن تلده بعد أربع سنين ، فلا نفقة عليه لمدة حملها ; لأنه من غيره . وإن كانت رجعية ، فلها النفقة في مدة عدتها ، فإن كانت انقضت قبل حملها ، فلها النفقة إلى انقضائها ، وإن حملت في أثناء عدتها ، فلها النفقة إلى الوطء الذي حملت ، ثم لا نفقة لها حتى تضع حملها ، ثم تكون لها النفقة في تمام عدتها . وإن وطئها زوجها في العدة الرجعية ، حصلت الرجعة . وإن قلنا : لا تحصل . فالنسب لاحق به ، وعليه النفقة لمدة حملها . وإن وطئها بعد انقضاء عدتها ، أو وطئ البائن ، عالما بذلك وبتحريمه ، فهو زنى ، لا يلحقه نسب الولد ، ولا نفقة عليه من أجله .

                                                                                                                                            وإن جهل بينونتها ، أو انقضاء عدة الرجعية ، أو تحريم ذلك وهو ممن يجهله ، لحقه نسبه ، وفي وجوب النفقة عليه روايتان .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية