الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6762 ) فصل : واختلفت الرواية في موجب العمد ، فروي عن أحمد رحمه الله أن موجبه القصاص عينا لقوله عليه السلام : { من قتل عمدا ، فهو قود } . ولما ذكروه في دليلهم . وروي أن موجبه أحد شيئين ; القصاص ، أو الدية ; لما ذكرناه قبل هذا ، ولأن الدية أحد بدلي النفس ، فكانت بدلا عنها ، لا عن بدلها ، كالقصاص . وأما الخبر ، فالمراد به وجوب القود ، ونحن نقول به ، ويخالف القتل سائر المتلفات ; لأن بدلها لا يختلف بالقصد وعدمه ، والقتل بخلافه . وللشافعي قولان ، كالروايتين . فإذا قلنا موجبه القصاص عينا ، فله العفو إلى الدية ، والعفو مطلقا ، فإذا عفا مطلقا ، لم يجب شيء . وهذا ظاهر مذهب الشافعي وقال بعضهم : تجب الدية ; لئلا يطل الدم . وليس بشيء ; لأنه لو عفا عن الدية بعد وجوبها ، صح عفوه ، وإن عفا عن القصاص بغير مال ، لم يجب شيء ، فأما إن عفا عن الدية ; لم يصح عفوه ; لأنها لم تجب .

                                                                                                                                            وإن قلنا : الواجب أحد شيئين لا بعينه . فعفا عن القصاص مطلقا ، أو إلى الدية ، وجبت الدية ; لأن الواجب غير معين ، فإذا ترك أحدهما وجب الآخر ، وإن اختار الدية ، سقط القصاص ، وإن اختار القصاص ، تعين . وهل له بعد ذلك العفو على الدية ؟ قال القاضي : له ذلك ; لأن القصاص أعلى ، فكان له الانتقال إلى الأدنى ، ويكون بدلا عن القصاص ، وليست التي وجبت بالقتل ، كما قلنا في الرواية الأولى : إن الواجب القصاص عينا ، وله العفو إلى الدية . ويحتمل أنه ليس له ذلك ; لأنه أسقطها باختياره القود فلم يعد إليها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية