الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6800 ) المسألة الخامسة : أنها لا تحمل ما دون الثلث . وبهذا قال سعيد بن المسيب ، وعطاء ، ومالك ، وإسحاق ، وعبد العزيز ، وعمرو بن أبي سلمة وبه قال الزهري وقال : لا تحمل الثلث أيضا . وقال الثوري ، وأبو حنيفة : تحمل السن ، والموضحة ، وما فوقها ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الغرة التي في الجبين على العاقلة ، وقيمتها نصف عشر الدية ، ولا تحمل ما دون ذلك ; لأنه ليس فيه أرش مقدر . والصحيح عن الشافعي ، أنها تحمل الكثير والقليل ; لأن من حمل الكثير حمل القليل ، كالجاني في العمد . ولنا ، ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قضى في الدية أن لا يحمل منها شيء حتى تبلغ عقل المأمومة . ولأن مقتضى الأصل وجوب الضمان على الجاني ; لأنه موجب جنايته ، وبدل متلفه ، فكان عليه ، كسائر المتلفات والجنايات ، وإنما خولف في الثلث فصاعدا ، تخفيفا عن الجاني ، لكونه كثيرا يجحف به ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : { الثلث كثير } .

                                                                                                                                            ففي ما دونه يبقى على قضية الأصل ومقتضى الدليل ، وهذا حجة على الزهري ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الثلث كثيرا ، فأما دية الجنين ، فلا تحملها العاقلة ، إلا إذا مات مع أمه من الضربة ; لكون ديتهما ، جميعا موجب جناية ، تزيد على الثلث ، وإن سلمنا وجوبها على العاقلة ; فلأنها دية آدمي كاملة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية