الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6905 ) مسألة : قال : ( وفي الأشفار الأربعة الدية ، وفي كل واحد منها ربع الدية ) . يعني أجفان العينين ، وهي أربعة ، ففي جميعها الدية ; لأن فيها منفعة الجنس ، وفي كل واحد منها ربع الدية ; لأن كل ذي عدد تجب في جميعه الدية ، تجب في الواحد منها بحصته من الدية ، كاليدين والأصابع . وبهذا قال الحسن ، والشعبي ، وقتادة ، وأبو هاشم ، والثوري ، والشافعي ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            وعن مالك في جفن العين وحجاجها الاجتهاد ; لأنه لم يعلم تقديره عن النبي صلى الله عليه وسلم والتقدير لا يثبت قياسا . ولنا أنها أعضاء فيها جمال ظاهر ، ونفع كامل ; فإنها تكن العين ، وتحفظها ، وتقيها الحر والبرد ، وتكون كالغلق عليها ، يطبقه إذا شاء ، ويفتحه إذا شاء ، ولولاها لقبح منظره ، فوجبت فيها الدية ، كاليدين ، ولا نسلم أن التقدير لا يثبت قياسا . فإذا ثبت هذا ، فإن في أحدها ربع الدية .

                                                                                                                                            وحكي عن الشعبي ، أنه يجب في الأعلى ثلثا دية العين ، وفي الأسفل ثلثها ; لأنه أكثر نفعا . ولنا ، أن كل ذي عدد تجب الدية في جميعه ، تجب بالحصة في الواحد منه ، كاليدين والأصابع ، وما ذكره يبطل باليمنى مع اليسرى والأصابع . وإن قلع العينين بأشفارهما ، وجبت ديتان ; لأنهما جنسان تجب الدية بكل واحد منهما منفردا ، فوجبت بإتلافهما جملة ديتان ، كاليدين ، والرجلين . وتجب الدية في أشفار عين الأعمى ; لأن ذهاب بصره عيب في غير الأجفان ، فلم يمنع وجوب الدية فيها ، كذهاب الشم ، لا يمنع وجوب الدية في الأنف

                                                                                                                                            ( 6906 ) فصل : وتجب في أهداب العينين بمفردها الدية ، وهو الشعر الذي على الأجفان ، وفي كل واحد منها ربعها . وبهذا قال أبو حنيفة . وقال الشافعي : فيه حكومة . ولنا ، أن فيها جمالا ونفعا ، فإنها تقي العينين ، وترد عنهما ، وتحسن العين وتجملها ، فوجبت فيها الدية كالأجفان ، فإن قطع الأجفان بأهدابها ، لم يجب أكثر من دية ; لأن الشعر يزول تبعا لزوال الأجفان ، فلم تفرد بضمان ، كالأصابع إذا قطع اليد وهي عليها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية