الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ولا بأس بالإشارة حال الدعاء للميت ) نص عليه ( ثم يحرم ) بعد النية ( كما سبق في باب صفة الصلاة ) فيقول قائما مع القدرة : الله أكبر ، لا يقوم غيرها مقامها ومن لم [ ص: 113 ] ينبه على النية هنا اكتفى بما تقدم ، لحديث { إنما الأعمال بالنيات } وصفة النية هنا : أن ينوي الصلاة على هذا الميت ، أو هؤلاء الموتى إن كانوا جماعة عرف عددهم أو لا ( ويضع يمينه على شماله ) بعد حطهما أو فراغ التكبير ، ويجعلهما تحت سرته ، كما سبق ( ويعوذ ) ويبسمل ( قبل الفاتحة ) لما سبق في صفة الصلاة ( ولا يستفتح ) لأنها مبنية على التخفيف .

                                                                                                                      ولذلك لم يشرع فيها قراءة سورة بعد الفاتحة ( ويكبر أربع تكبيرات ) لما في الصحيح من حديث أنس وغيره { أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر على الجنازة أربعا } .

                                                                                                                      وفي صحيح مسلم { أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه ، فخرج إلى المصلى ، وكبر أربع تكبيرات } ، وفيه عن ابن عباس أنه { صلى على قبر بعد ما دفن ، وكبر أربع تكبيرات } وقد قال صلى الله عليه وسلم { : صلوا كما رأيتموني أصلي } ( ويقرأ في ) التكبيرة ( الأولى : الفاتحة ، فقط ) أي : من غير سورة ، لما تقدم : أن مبنى هذه الصلاة على التخفيف ( سرا ولو ليلا ) لما روى الزهري عن أبي أمامة بن سهل قال { السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة ، ثم يكبر ثلاثا والسلام } .

                                                                                                                      وعن الزهري عن محمد بن سويد الدمشقي عن الضحاك بن قيس نحوه رواهما النسائي ، ولا تقاس على المكتوبة لأنها مؤقتة والجنازة غير مؤقتة ، فأشبهت تحية المسجد ونحوها ( ويصلي ) سرا ( على النبي صلى الله عليه وسلم في ) التكبيرة ( الثانية ) لما روى الشافعي والأثرم بإسنادهما عن أبي أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم " أن { السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويخلص الدعاء للميت ، ثم يسلم } وتكون الصلاة عليه ( كما في التشهد ) لأنه صلى الله عليه وسلم لما سألوه " كيف نصلي عليك ؟ علمهم ذلك وقال في الكافي : لا تتعين صلاة ، لأن القصد مطلق الصلاة ومعناه في الشرح .

                                                                                                                      ( ولا يزيد عليه ) أي : على ما في التشهد ، خلافا للقاضي .

                                                                                                                      فإن استحب بعدها " اللهم صل على ملائكتك المقربين ، وأنبيائك المرسلين وأهل طاعتك أجمعين من أهل السموات وأهل الأرضين ، إنك على كلء شيء قدير " ( ويدعو ) للميت ( في ) التكبيرة ( الثالثة سرا بأحسن ما يحضره ) لقوله صلى الله عليه وسلم { : إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء } رواه أبو داود وابن ماجه ، وفيه ابن إسحاق [ ص: 114 ] ( ولا توقيت ) أي : تحديد ( فيه ) أي : في الدعاء للميت نص عليه لما سبق .

                                                                                                                      ( ويسن ) الدعاء ( بالمأثور ) أي : الوارد في الدعاء للميت ( فيقول : اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا ) حاضرنا ( وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا إنك تعلم منقلبنا ومثوانا وأنت على كل شيء قدير اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام و من توفيته منا فتوفه على الإيمان ) .

                                                                                                                      هكذا في الفروع وهو لفظ حديث أبي هريرة وقال في المقنع وتبعه في المنتهى وغيره : " فأحيه على الإسلام والسنة ومن توفيته منا فتوفه عليهما قال في المبدع وشرح المنتهى : رواه أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة زاد ابن ماجه { اللهم لا تحرمنا أجره ، ولا تضلنا بعده } وفيه ابن إسحاق قال الحاكم : حديث أبي هريرة صحيح على شرط الشيخين لكن زاد فيه المؤلف ، أي : الموفق { : وأنت على كل شيء قدير } ولفظه " السنة " { اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه ، وأكرم نزله } بضم الزاي ، وقد تسكن { وأوسع مدخله } بفتح الميم : موضع الدخول ، وبضمها الإدخال ( { واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار } ) رواه مسلم من حديث عوف بن مالك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك على جنازة حتى تمنى أن يكون ذلك الميت " .

                                                                                                                      وفيه رواية { أهلا خيرا من أهله } وزاد الموفق لفظ من الذنوب " وتبعه المصنف وغيره ( وافسح له في قبره ونور له فيه ) لأنه لائق بالمحل ( اللهم إنه عبدك ابن أمتك نزل بك وأنت خير منزول به ) .

                                                                                                                      استحبه المجد تبعا للخرقي وابن عقيل وغيرهما زاد الخرقي وابن عقيل وجماعة ( ولا أعلم إلا خيرا ) لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ما من مسلم يموت يشهد له ثلاثة أبيات من جيرانه الأدنين إلا قال الله تعالى : قد قبلت شهادة عبادي فيما علموا ، وغفرت له ما أعلم } رواه أحمد ( اللهم إن كان محسنا فجازه بإحسانه ، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ) اللهم لا تحرمنا أجره ، ولا تفتنا بعده ذكره في المبدع عن جماعة ، وزاد بعد " فتجاوز عنه اللهم إنا جئنا شفعاء له فشفعنا فيه " وبعد " ولا تفتنا بعده " : " واغفر لنا وله إنك غفور رحيم " .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية