الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( باب نواقض الوضوء وهي مفسداته ) النواقض : جمع ناقضة أو ناقض ، وقولهم فاعل لا يجمع على فواعل وصفا ، وشذ : فوارس وهوالك ونواكس ، في فارس وهالك وناكس خصه ابن مالك وطائفة بما إذا كان وصفا لعاقل وما هنا ليس منه يقال : نقضت الشيء إذا أفسدته والنقض حقيقة في البناء ، واستعماله في المعاني مجاز كنقض الوضوء ونقض العلة ، وعلاقته الإبطال .

                                                                                                                      ( وهي ) أي : نواقض الوضوء ( ثمانية ) أنواع بالاستقراء أحدها ( الخارج من السبيلين إلى ما هو في حكم الظاهر ، ويلحقه حكم التطهير ) من الحدث والخبث لقوله تعالى { أو جاء أحد منكم من الغائط } ولقوله صلى الله عليه وسلم { ولكن من غائط أو بول } الحديث .

                                                                                                                      وقوله في المذي { يغسل ذكره ويتوضأ } وقوله { لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا } وقوله : ويلحقه حكم التطهير : مخرج لباطن فرج الأنثى ، إن قلنا : هو في حكم الظاهر ، لكن لا يلزم تطهيره للمشقة ، وعطف تفسير إن قلنا هو في حكم الباطن ( إلا ممن حدثه دائم ) فلا يبطل وضوءه بالحدث الدائم للحرج والمشقة ( قليلا كان ) الخارج ( أو كثيرا ) لعموم ما تقدم ( نادرا ) كان ( أو معتادا ) أما المعتاد ، كالبول والغائط والودي والمذي والريح ، فلما تقدم وأما النادر ، كالدم والدود والحصى ، فلما روى عروة .

                                                                                                                      { عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إذا كان دم الحيض [ ص: 123 ] فإنه أسود يعرف فإذا كان كذلك فأمسكي عن الصلاة ، وإذا كان الآخر فتوضئي فإنما هو دم عرق } رواه أبو داود والدارقطني ، وقال : إسناده كلهم ثقات فأمرها بالوضوء ودمها غير معتاد فيقاس عليه ما سواه ( طاهرا ) كان الخارج ، كولد بلا دم ( أو نجسا ) كالبول وغيره فينقض الخارج من السبيلين ( ولو ) كان ( ريحا من قبل أنثى ، أو ) من ( ذكر ) لعموم قوله صلى الله عليه وسلم { لا وضوء إلا من حدث أو ريح } رواه الترمذي وصححه من حديث أبي هريرة وهو شامل للريح من القبل .

                                                                                                                      وقال ابن عقيل يحتمل أن يكون الأشبه بمذهبنا أن لا ينقض ; لأن المثانة ليس لها منفذ إلى الجوف ، ولم يجعلها أصحابنا جوفا ، فلم يبطلوا الصوم بالحقنة فيه قال في المغني : ولا نعلم لهذا - أي : خروج الريح من القبل - وجودا ولا نعلم وجوده في حق أحد وقد قيل : إنه يعلم وجوده بأن يحس الإنسان في ذكره دبيبا وهذا لا يصح ، فإن هذا لا يحصل به اليقين والطهارة لا تنقض بالشك ، فإن قدر وجود ذلك يقينا نقض الطهارة ; لأنه خارج من السبيلين ، فنقض قياسا على سائر الخوارج .

                                                                                                                      ( فلو احتمل ) المتوضئ ( في قبل أو دبر قطنا أو ميلا ، ثم خرج ولو بلا بلل ) نقض صححه في مجمع البحرين ونصره قال في تصحيح الفروع : وهو الصواب وخروجه بلا بلة نادر جدا ، فعلق الحكم على المظنة وقيل : لا ينقض إن خرج بلا بلل .

                                                                                                                      قال في تصحيح الفروع والإنصاف ، وهو ظاهر نقل عبد الله عن الإمام أحمد ذكره القاضي في المجرد ، وصححه ابن حمدان وقدمه ابن رزين في شرحه ، زاد في الإنصاف ، وابن عبيدان انتهى .

                                                                                                                      قال في شرح المنتهى : وهو المذهب ( أو قطر في إحليله دهنا ) أو غيره من المائعات ( ثم خرج ) نقض ; لأنه لا يخلو من بلة نجسة تصحبه ( أو خرجت الحقنة من الفرج ) نقضت ( أو ظهر طرف مصران أو رأس ، دودة ) نقض .

                                                                                                                      قال في الإنصاف على الصحيح من المذهب انتهى ، وكلامه في الفروع أنه كخروج المقعدة ، فعليه لا نقض بلا بلل ( أو وطئ دون الفرج فدب ماؤه فدخل فرجها ) ثم خرج نقض ( أو استدخلته ) أي : مني الرجل ( أو ) استدخلت ( مني امرأة أخرى ، ثم خرج نقض ) الوضوء ; لأنه خارج من السبيل ( ولم يجب عليها الغسل ) ; لأنه لم يخرج دفقا بشهوة .

                                                                                                                      ( فإن لم يخرج من الحقنة ) شيء ( أو ) لم يخرج من ( المني شيء لم ينقض ) الوضوء ( لكن إن كان المحتقن ) أو الحاقن ( قد أدخل رأس الزراقة ثم أخرجه نقض ) ; لأنه خارج من سبيل ( ولو ظهرت مقعدته فعلم أن عليها بللا ) ولم [ ص: 124 ] ينفصل ( انتقض ) وضوءه بالبلل الذي عليها ; لأنه خارج من سبيل و ( لا ) ينتقض وضوءه ( إن جهل ) أن عليها بللا ; لأنه لا نقض بالشك ( أو صب دهنا ) أو غيره ( في أذنه فوصل إلى دماغه ثم خرج منها أو ) خرج ( من فيه ) ; لأنه خارج طاهر من غير السبيل أشبه البصاق .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية