الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      فصل ولا يجزئ إطعام وعتق وصوم إلا بنية بأن ينويه عن الكفارة لقوله صلى الله عليه وسلم { إنما الأعمال بالنيات } ولأنه حق واجب على سبيل الطهرة فافتقر إلى النية كالزكاة فينوي ( مع التكفير أو قبله بيسير ) كالصلاة والزكاة ( ونية الصوم واجبة كل ليلة ) للخبر ( ولا يجزئ فيهن ) أي الإطعام والعتق والصوم ( نية التقرب فقط ) لأنه يقع تبرعا وعن الكفارة وغيرها فلا بد من نية غير الكفارة عن غيرها ( فإن كانت عليه كفارة واحدة فنوى عن كفارتين أجزأه ) ولم يلزمه تعيين سببها سواء علمه أو جهله ، لأن النية تعينت لها ، ولأنه نوى عن كفارته ولا مزاحم لها فوجب تعليق النية بها ( وإن كان عليه كفارات من جنس واحد لم يجب تعيين سببها ، ولا تتداخل فلو كان مظاهرا من أربع نسائه فأعتق عبدا عن ظهاره أجزأه عن إحداهن وحلت له واحدة ) .

                                                                                                                      من نسائه ( غير معينة ) لأنه واجب من جنس واحد فأجزأه نية مطلقة كما لو كان عليه صوم يومين من رمضان ( فتخرج بقرعة ) كما تقدم في نظائره ( فإن كان الظهار من ثلاث نسوة فأعتق ) عن ظهار ( إحداهن وصام عن ) ظهار ( أخرى ) لعدم من يعتقه ( ومرض فأطعم عن ) ظهار ( أخرى أجزأه ) لما تقدم وحل له الجميع من غير قرعة ولا تعيين لأن التكفير حصل عن الثلاث أشبه ما لو أعتق ثلاثة أعبد عن الثلاثة دفعة واحدة .

                                                                                                                      ( وإن كانت ) الكفارات ( من أجناس كظهار وقتل وجماع في ) نهار ( رمضان [ ص: 389 ] ويمين لم يجب تعيين السبب أيضا ) لأنها عبادة واجبة فلم تفتقر صحة أدائها إلى تعيين سببها كما لو كانت من جنس ( ولا تتداخل ) الكفارات لاختلاف أسبابها ( فلو كانت عليه كفارة واحدة نسي سببها أجزأته كفارة واحدة ) لأن تعيين السبب ليس شرطا ، فإذا أخرج كفارة وقعت عن كفارته فيخرج من العهدة ( وإن كانت ) عليه ( كفارتان من ظهار ) بأن قال لكل من زوجتيه : أنت علي كظهر أمي ( أو ) كان عليه كفارتان ( من ظهار وقتل فقال : أعتقت هذا عن هذه ) الزوجة ( أو ) أعتقت ( هذا عن هذه ) الزوجة الأخرى أو قال أعتقت هذا عن كفارة الظهار وهذا عن كفارة القتل أجزأه .

                                                                                                                      ( أو ) قال أعتقت ( هذا عن إحدى الكفارتين و ) أعتقت ( هذا عن ) الكفارة ( الأخرى من غير تعيين أجزأه ) لما تقدم ( أو أعتقهما ) أي العبدين ( عن الكفارتين ) معا ( أو ) قال ( أعتقت كل واحد منهما ) أي من المعينين ( عنهما ) أي الكفارتين ( جميعا أجزأه ) ذلك لما تقدم ( ولا يجزئ تقديم كفارة ظهار أو غيره قبل سببهما ) كتقديم الزكاة على ملك النصاب ( فلا يجزئ كفارة الظهار قبله ) أي قبل الظهار ( ولا ) يجزئ ( تقديم كفارة اليمين عليها ) أي اليمين ( ولا ) تقديم ( كفارة القتل قبل الجرح ) لتقدمها على سببها ( فلو قال لعبده أنت حر الساعة إن تظهرت عتق ولم يجزئه عن ظهاره إن تظهر ) لتقدمه عليه .

                                                                                                                      ( ولو قال ) لزوجته ( إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي لم يجزئه ) ( التكفير قبل الدخول ) لأنه لا يصير مظاهرا قبله ( ولو قال لعبده إن ظاهرت فأنت حر عن ظهاري ثم ظاهر عتق العبد ) لوجود شرطه ( ولم يجزئه عن الكفارة ) لأن عتقه مستحق بسبب آخر وهو الشرط ، ولأن النية لم توجد عند عتق العبد والنية عند التعليق لا تجزئ لأنه تقديم لها على سببها ( فإن لم ) يجد المظاهر ( ما يطعمه ) للمساكين ( لم تسقط ) عنه الكفارة ( وتبقى في ذمته ) وكذا كفارة القتل وغيرها ما عدا كفارة الوطء من الحيض وكفارة الوطء في نهار رمضان فيسقطان بالعجز ( وتقدم في باب ما يفسد الصوم بعض ذلك و ) تقدم أيضا هناك ( حكم أكله ) من كفاراته كلها .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية