الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1968 - مسألة : ولا يكون طلاقا بائنا أبدا إلا في موضعين لا ثالث لهما .

                                                                                                                                                                                          أحدهما - طلاق غير الموطوءة ، لقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } .

                                                                                                                                                                                          والثاني - طلاق الثلاث مجموعة أو مفرقة ، لقوله تعالى : { فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } .

                                                                                                                                                                                          وأما ما عدا هذين فلا أصلا ، لقوله تعالى : { وبعولتهن أحق بردهن في ذلك } .

                                                                                                                                                                                          ولقوله تعالى : { فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف }

                                                                                                                                                                                          وقال تعالى : { فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف }

                                                                                                                                                                                          فجعل إلى الزوج في العدة أن يراجعها أو يترك .

                                                                                                                                                                                          وممن قال بذلك - : الشافعي ، وأبو سليمان ، وأصحابهما ، إلا أن الشافعي رأى الخلع طلاقا بائنا - وليس عندنا كذلك ، وسنتكلم فيه في بابه إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                          فمن قال لامرأته : أنت طالق لا رجعة لي فيها عليك ، بل تملكين بها نفسك ، فإن الناس اختلفوا في ذلك : فقال أبو حنيفة ، والشافعي ، وأصحابهما ، وابن وهب - صاحب مالك - : هي طلقة يملك فيها زوجها رجعتها ، وقوله بخلاف ذلك لغو . [ ص: 484 ]

                                                                                                                                                                                          وقالت طائفة : هي ثلاثة ، وهو قول ابن الماجشون - صاحب مالك .

                                                                                                                                                                                          وقالت طائفة : هي كما قال ، وهو قول ابن القاسم صاحب مالك .

                                                                                                                                                                                          والذي نقول به : إنه كلام فاسد لا يقع به طلاق أصلا ، لأنه لم يطلق كما أمره الله - عز وجل - ولا طلاق إلا كما أمر الله تعالى .

                                                                                                                                                                                          قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } .

                                                                                                                                                                                          والطلاق الرجعي - هو الذي يكون فيه الزوج مخيرا ما دامت في العدة بين تركها لا يراجعها حتى تنقضي عدتها ، فتملك أمرها فلا يراجعها إلا بولي ورضاها ، وصداق ، وبين أن يشهد على ارتجاعها فقط فتكون زوجته - أحبت أم كرهت - بلا ولي ولا صداق ، لكن بإشهاد فقط . ولو مات أحدهما قبل تمام العدة وقبل المراجعة ورثه الباقي منهما - وهذا لا خلاف فيه من أحد من الأئمة .

                                                                                                                                                                                          والبائن - هو الذي لا رجعة له عليها إلا أن تشاء هي - في غير الثلاث - بولي ، وصداق ، ورضاها ، ونفقتها عليه في الطلاق الرجعي ما دامت في العدة ، ويلحقها طلاقه .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية