الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          وأما هل الخلع طلاق بائن أو رجعي ؟ فقالت طائفة : هي طلقة بائنة كما ذكرنا عن ابن مسعود آنفا .

                                                                                                                                                                                          وروينا من طريق وكيع عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير قال : كان [ ص: 518 ] عمران بن الحصين ، وابن مسعود يقولان في التي تفتدي من زوجها بمالها : يقع عليها الطلاق ما دامت في العدة ، وخالف ذلك غيرهما .

                                                                                                                                                                                          كما روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء أنه قال فيمن طلق بعد الفداء : لا يحسب شيئا من أجل أنه طلق امرأة لا يملك منها شيئا - اتفق على ذلك : ابن عباس ، وابن الزبير في رجل اختلع من امرأته ثم طلقها بعد الخلع ، فإنه لا يحسب شيئا ، قالا جميعا : أطلق امرأته ؟ إنما طلق من لا يملك .

                                                                                                                                                                                          قال ابن جريج : وزعم ابن طاوس عن أبيه أنه كان يقول : إن طلقها بعد الفداء جاز .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو حنيفة : هو طلاق بائن ويلحقها طلاقه ما دامت في العدة .

                                                                                                                                                                                          وقال مالك ، والشافعي : هو طلاق بائن ولا يلحقها طلاقه في العدة .

                                                                                                                                                                                          وأما من قال : إن الخلع طلاق رجعي - : فكما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن سعيد بن المسيب : أنه قال في المختلعة : إن شاء أن يراجعها فليردد عليها ما أخذ منها في العدة ، وليشهد على رجعتها - قال معمر : وكان الزهري يقول ذلك - قال قتادة : وكان الحسن يقول : لا يراجعها إلا بخطبة ؟ قال أبو محمد : قد بين الله تعالى حكم الطلاق ، وأن { بعولتهن أحق بردهن } وقال { فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف } فلا يجوز خلاف ذلك .

                                                                                                                                                                                          وما وجدنا قط في دين الإسلام عن الله تعالى ، ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم طلاقا بائنا لا [ ص: 519 ] رجعة فيه ، إلا الثلاث مجموعة أو مفرقة ، أو التي لم يطأها ، ولا مزيد - وأما عدا ذلك فآراء لا حجة فيها .

                                                                                                                                                                                          وأما رده ما أخذ منها فإنما أخذه لئلا تكون في عصمته ، فإذا لم يتم لها مرادها فمالها - الذي لم تعطه إلا لذلك - مردود عليها ، إلا أن يبين عليها أنها طلقة له الرجعة فيها ، فترضى ، فلا يرد عليها شيئا - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية