الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2018 - مسألة : قال أبو محمد : وإن ارتضع صغير أو كبير لبن ميتة أو مجنونة أو سكرى خمس رضعات فإن التحريم يقع به ; لأنه رضاع صحيح .

                                                                                                                                                                                          وقال الشافعي : لا يقع بلبن الميتة رضاع ; لأنه نجس ؟

                                                                                                                                                                                          قال علي : هذا عجب جدا أن يقول في لبن مؤمنة : إنه نجس وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { المؤمن لا ينجس } وقد علمنا أن المؤمن في حال موته وحياته سواء ، هو طاهر في كلتا الحالتين ، ولبن المرأة بعضها ، وبعض الطاهر طاهر ، إلا أن يخرجه عن الطهارة نص فيوقف عنده -

                                                                                                                                                                                          ثم يرى لبن الكافرة طاهرا يحرم ، وهو بعضها ، والله تعالى يقول : { إنما المشركون نجس } وبعض النجس نجس بلا شك .

                                                                                                                                                                                          فإن قيل : فأنتم تقولون : إن لبن الكافرة نجس بلا شك وأنتم تجيزون مع ذلك استرضاع الكافرة ؟ [ ص: 189 ]

                                                                                                                                                                                          قلنا : لأن الله تعالى أباح لنا نكاح الكتابية ، وأوجب على الأم رضاع ولدها ، وقد علم الله تعالى أنه سيكون لنا أولاد منهن : { وما كان ربك نسيا } .

                                                                                                                                                                                          إلا أننا نقول : إن غير الكتابية لا يحل لنا استرضاعها ; لأنها ليست مما أبيح لنا اتخاذهن أزواجا وطلب الولد منهن فبقي لبنها على النجاسة جملة - ، وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          ثم نقول : لو خالط لبن المرضعة دم ظاهر من فم المرضع ، أو غير ذلك من المحرمات كما يحرم الذي لم يخالطه شيء من ذلك ; لأننا قد بينا في " كتاب الطهارة " من كتابنا هذا وغيره أن النجس ، والحرام إذا خالطهما الطاهر الحلال فإن الطاهر طاهر ، والنجس نجس ، والحلال حلال ، والحرام حرام ، فالمحرم هو اللبن لا ما خالطه من حرام أو نجس ولكل شيء حكمه - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          ولبن المشركة إنما ينجس هو وهي بذلك ; لدينها النجس ، فلو أسلمت لطهرت كلها ، فلإرضاعها حكم الإرضاع في التحريم ; لما ذكرنا - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية