الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2242 - مسألة : فيمن فضل على أبي بكر الصديق ، أو افترى على القرآن ؟ كما نا أحمد بن عمر بن أنس العذري نا عبد الله بن الحسين بن عقال نا إبراهيم بن محمد الدينوري نا محمد بن أحمد بن الجهم نا أبو قلابة نا محمد بن بشار - بندار - نا محمد بن جعفر غندر - نا شعبة عن حصين بن عبد الرحمن عن ابن أبي ليلى : [ ص: 252 ] أن الجارود بن العلاء العبدي قال : أبو بكر خير من عمر ؟ فقال رجل من ولد حاجب بن عطارد : عمر خير من أبي بكر : فبلغ عمر ، فضرب بالدرة الحاجبي حتى شغر برجله ؟ وقال : قلت : عمر خير من أبي بكر ، إن أبا بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أخير الناس في كذا وكذا - من قال غير ذلك وجب عليه حد المفتري قال أبو محمد رحمه الله : هكذا في كتاب العذري : من ولد حاجب بن عطارد - وهو خطأ - والصواب : من ولد عطارد بن حاجب بن زرارة قال علي : إنما أخبر عمر في هذا الخبر : أن أبا بكر أخير الناس في كذا وكذا - أشياء ذكرها - لا على العموم ، وقد يكون المرء خيرا في شيء ما من آخر خير منه في أشياء ، فقد عذب بلال في الله تعالى بما لم يعذب أبو بكر ، وجالد على ما لم يجالد أبو بكر ، وأبو بكر خير منه على العموم - وفي أشياء غير هذا كثيرة . وبالسند المذكور - إلى ابن الجهم نا محمد بن بشر نا الهيثم ، والحكم ، قالا جميعا : نا شهاب بن خراش عن الحجاج بن دينار عن أبي معشر عن إبراهيم قال : سمعت علقمة ضرب بيده على منبر الكوفة ، قال : سمعت عليا - عليه السلام - يقول : بلغني أن قوما يفضلونني على أبي بكر ، وعمر ؟ من قال شيئا من هذا فهو مفتر ، عليه ما على المفتري . وبه - إلى ابن الجهم نا أبو قلابة نا الحجاج بن المنهال نا محمد بن طلحة عن أبي عبيدة بن حجل أن علي بن أبي طالب قال : لا أوتى برجل فضلني على أبي بكر ، وعمر ، إلا جلدته حد المفتري . حدثنا محمد بن سعيد بن نبات نا عبد الله بن نصر نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا موسى بن معاوية نا وكيع نا إسماعيل بن أبي خالد عن عامر الشعبي ، قال : استشارهم عمر في الخمر ؟ فقال عبد الرحمن بن عوف : من افترى على القرآن أرى أن يجلد ثمانين . حدثنا عبد الله بن ربيع نا عبد الله بن محمد بن عثمان نا أحمد بن خالد نا علي بن عبد العزيز نا الحجاج بن المنهال نا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن جحادة بن دثار أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شربوا الخمر بالشام وأن يزيد بن أبي سفيان [ ص: 253 ] كتب فيهم إلى عمر فذكر الحديث - وفيه : أنهم احتجوا على عمر بقول الله تعالى { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا } فشاور فيهم الناس ، فقال لعلي : ماذا ترى ؟ فقال : أرى أنهم قد شرعوا في دين الله ما لم يأذن به ، فإن زعموا أنها حلال فاقتلهم ، فإنهم قد أحلوا ما حرم الله تعالى ، وإن زعموا أنها حرام فاجلدهم ثمانين ثمانين ، فقد افتروا على الله الكذب ، وقد أخبر الله تعالى بحد ما يفتري به بعضنا على بعض ؟ قال أبو محمد رحمه الله : هم يعظمون - يعني الحنفيين ، والمالكيين - قول الصاحب وحكمه إذا وافق تقليدهم وأهواءهم ، وهم هاهنا قد خالفوا الصحابة - رضي الله عنهم - فلا يرون على من فضل عمر على أبي بكر حد الفرية ، ولا على من فضل عليا عليهما حد الفرية ، ولا يرون على من افترى على الله تعالى وعلى القرآن ، حد الفرية ، لكن يرون القتل إن بدل الدين ، أو لا شيء إن كان متأولا . هذا ، وهم يحتجون بقول علي ، وعبد الرحمن ، في هذين الخبرين في إثبات ثمانين في حد الخمر ، نعم ، وفي إثبات القياس ؟ وقد خالفوهما في إيجاب حد الفرية على من افترى على الله كذبا . فلئن كان قول علي ، وعبد الرحمن ، حجة في إيجاب حد الخمر ، وفي القياس ، فإنه حجة في إيجاب حد الفرية على من افترى على الله تعالى كذبا وعلى القرآن .

                                                                                                                                                                                          ولئن كان قولهما ليس بحجة في إيجاب حد الفرية على من افترى على الله تعالى ، وعلى القرآن ، فما قولهما حجة في إيجاب القياس ، ولا في إيجاب ثمانين في الخمر ولا فرق - وبالله تعالى التوفيق . وهذا يليح لمن أنصف نفسه أنه ليس كل فرية يجب فيها الحد ، فإذ ذلك كذلك فلا حد إلا في الفرية بالزنا ، لصحة النص ، والإجماع على ذلك . وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية