الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          694 - مسألة : ومن عليه دين دراهم أو دنانير أو ماشية تجب الزكاة في مقدار ذلك لو كان حاضرا فإن كان حاضرا عنده لم يتلف وأتم عنده حولا منه ما في مقداره الزكاة - : زكاه ، وإلا فلا زكاة عليه فيه أصلا ، ولو أقام عليه سنين [ ص: 217 ] وقال قوم : يزكيه - : روينا من طريق ابن أبي شيبة عن محمد بن بكر عن ابن جريج عن يزيد بن يزيد بن جابر أن عبد الملك بن أبي بكر أخبره أن عمر قال : إذا حلت - يعني الزكاة - فاحسب دينك وما عندك واجمع ذلك جميعا ثم زكه . ( وبه إلى ) عبد الرزاق عن ابن جريج : أخبرني يزيد بن يزيد بن جابر عن عبد الملك بن أبي بكر عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام هو جد عبد الملك أبو أبيه قال : قال رجل لعمر : يجيء إبان صدقتي فأبادر الصدقة فأنفق على أهلي وأقضي ، ديني ؟ قال عمر : لا تبادر بها ، واحسب دينك وما عليك ، وزك ذلك أجمع

                                                                                                                                                                                          وهو قول الحسن بن حي ، وروينا من طريق حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي في الدين يكون للرجل على الرجل فيمطله ؟ قال : زكاته على الذي يأكل مهنأة ومن طريق حماد بن سلمة عن قيس عن عطاء أو غيره نحوه .

                                                                                                                                                                                          وممن قال بقولنا - في إسقاط الزكاة عن الذي عليه الدين فيما عليه منه - : ابن عمرو وغيره .

                                                                                                                                                                                          كما روينا من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، وسفيان الثوري قالا : ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر : أنه ولي مال يتيم فكان يستسلف منه ، يرى أن ذلك أحرز له : ويؤدي زكاته من مال اليتيم ، فهذا ابن عمر عليه الدين لا يزكيه عن نفسه ، [ ص: 218 ] وعن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن : إذا كان للرجل على الرجل الدين فالزكاة على الذي له الدين ، وعن الحجاج بن المنهال عن يزيد بن إبراهيم عن مجاهد : إذا كان عليك دين فلا زكاة عليه ; إنما زكاته على الذي هو له ، وعن وكيع عن سفيان عن المغيرة عن الفضيل عن إبراهيم النخعي قال : زك ما في يديك من مالك ، وما لك على المليء ولا تزك ما للناس عليك ؟ وهو قول سفيان : ومالك ، وأبي حنيفة ، وأصحابه ، ووكيع ؟ قال أبو محمد : إنما وافقنا ( قول ) هؤلاء في سقوط الزكاة عن الذي عليه الدين فقط .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبيد الله بن عمر عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين ، ليس في الدين زكاة ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي الزناد عن عكرمة قال : ليس في الدين زكاة ، ومن طريق وكيع عن مسعر عن الحكم بن عتيبة قال : خالفني إبراهيم في الدين ، كنت أقول : لا يزكي ، ثم رجع إلى قولي - : وروينا عن أبي بكر بن أبي شيبة : ثنا أبو معاوية عن حجاج عن عطاء قال : ليس على صاحب الدين الذي هو له ولا على الذي هو عليه زكاة .

                                                                                                                                                                                          وعن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن المغيرة بن مقسم عن عطاء قال : ليس في الدين زكاة . [ ص: 219 ]

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج : قلت لعطاء : السلف يسلفه الرجل . قال : ليس على سيد المال ولا على الذي استسلفه زكاة ؟ ومن طريق أبي عبيد عن أبي زائدة عن عبد الملك عن عطاء بن أبي رباح : لا يزكي الذي عليه الدين الدين ، ولا يزكيه الذي هو له حتى يقبضه ؟ وهو قول أبي سليمان ، وأصحابنا .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : إذا خرج الدين عن ملك الذي استقرضه فهو معدوم عنده ، ومن الباطل المتيقن أن يزكي عن لا شيء ، وعما لا يملك ، وعن شيء لو سرقه قطعت يده ; لأنه في ملك غيره .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية