الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا أسلم الرجل في مرضه ستين درهما إلى ثلاثة نفر في كر قيمته ثلاثون وقبض الدراهم ، ثم مات رب السلم ولا مال له غيرها ، فأخذ الورثة أحدهم ولم يظفروا بالآخرين فهو بالخيار لتغير شرط العقد عليه : فإن اختار إمضاء العقد أدى ثلث الكر ورد من رأس المال سبعة دراهم وسبعا ; لأن الثلث بينهم أثلاث ، فالحاضر إنما يضرب في نصيبه بسهم ، والورثة بستة فيسلم له السبع من نصيبه ، ونصيبه عشرون درهما فسبعه يكون درهما وستة أتساع فعليه أن يرد على الورثة ما زاد على ذلك ، وهو ثلث كر قيمته عشرة ، ومن رأس المال سبعة دراهم وسبعا ، فإن ظفروا بأحد الغائبين بعد ما قضى القاضي بينهم بهذا وفسخ السلم فيما بينهم وبين الأول ، فهذا الثاني أيضا بالخيار :

إن شاء نقض السلم في حصته ، وإن شاء أدى ثلث الكر ورد من رأس المال ثلاثة دراهم إلا تسعا ; لأن في يد الورثة سبعة عشر درهما وسبعا ، فإذا أعطاهم ما بينا يسلم للورثة ثلاثون درهما ، وذلك ثلاثة أرباع ما كان أسلم إليهما ويكون في يد المسلم إليه الثاني عشرة دراهم وسبعا ، فإذا أعطاهم عشرة قيمة ما أدى من الطعام وسبعة وسبعا محاباة ، فذلك كمال ربع ما أسلم إليهما بما أخذ الأول من المحاباة ، ولا يرد الثاني على الأول شيئا ; لأن الأول قد فسخ القاضي حصته من رأس مال السلم فيما رده عليه فلا يعود الحق فيه بعد ذلك لهذا ، فإن فعلوا ذلك ، ثم ظفروا بالثالث جاز السلم في حصته وجازت له حصته من المحاباة ; لأنها كمال الثلث سواء فيؤدي إلى الورثة حصته ، وذلك ثلاثة عشر قيمته [ ص: 81 ] عشرة حتى يسلم للورثة تمام أربعين درهما ، وهي ثلث تركة الميت ، ويكون في يد المسلم إليه الثالث عشرون درهما : عشرة قيمة ما أدى وعشرة محاباة ، وهي تمام ثلث تركة الميت بما أخذ الأولان ، والأصل في ذلك أنهم حين ظفروا بالأول كانت القسمة بينه وبينهم أسباعا كما بينا ، فحين ظفروا بالثاني ، كانت القسمة بينهم وبين الأول والثاني على ثمانية ; لأن الثالث مستوف لسهمه ، بقي حق الورثة في ستة ، وحقهما في سهمين ، فعرفنا أنه سلم لهما الربع مما عليهما ، قد أخذ الأول حصته كما بينا فيسلم للثاني ما بقي من الربع ، ثم إذا ظفروا بالثالث ، فحق الورثة في الثلثين ، وحق الموصى لهم في الثلث ، قد أخذ الأولان حقهما على وجه يتعذر إيصال شيء آخر إليهما فيسلم ما بقي من الثلث كله للثالث .

التالي السابق


الخدمات العلمية