الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال رحمه الله ) رجل استأجر من رجل دارا سنين معلومة فخاف المستأجر أن يغدر [ ص: 216 ] به رب الدار فليسم لكل سنة من هذه السنين أجرا أو يجعل للسنة الأخيرة أجرا كثيرا ومعنى هذا : أن المستأجر خاف أن تنقض الإجارة بينهما قبل انتهاء مدة الإجارة بموت رب الدار أو بأن يلحقه دين فادح أو غير ذلك من أنواع العذر ، وقد لا يكون مقصوده إلا السكنى في آخر المدة فالحيلة ما ذكر ، وهو أن يجعل الأجر للسنين المتقدمة شيئا قليلا حتى إذا انفسخ العقد قبل حصول مقصوده لا يلزمه من الأجر ما يتضرر به ، ويمنع رب الدار من الفسخ للعذر كي لا يفوته معظم الأجر بالسكنى في السنة الأخيرة والأحوط أن يجعل العقد في صفقتين ; لأنه إذا جعل الكل صفقة واحدة ، وفرق التسمية فربما يذهب بعض القضاة إلى رأي ابن أبي ليلى رحمه الله ويوزع المسمى على جميع المدة بالحصة ، فلا ينظر إلى تفريق التسمية مع اتحاد الصفقة وعند اختلاف الصفقة يأمن من ذلك وعلى هذا لو أراد المستأجر أن ينفق على الدار من مرمتها ، ويخاف أن لا يرد عليه ذلك رب الدار إن انفسخ العقد فإنه ينبغي له أن ينظر إلى مقدار ما يريد أن ينفقه فيضم ذلك إلى أجر الدار في السنة الأخيرة ويقر رب الدار أني استسلفت منه هذا المقدار من أجر السنة الأخيرة حتى إذا انفسخ العقد رجع عليه بما أقر أنه استسلفه من ذلك ، وإن خاف أن يحلفه رب الدار أنه سلم إليه شيئا كما هو رأي بعض القضاة فإنه ينبغي أن يبيع منه شيئا بذلك القدر حتى إذا حلف لم يكن كاذبا في يمينه ، فإن كان رب الدار هو الذي يخاف أن ينكر المستأجر بعض السنين ، ويعذر به بعد ذلك أي يفسخ العقد بعذر فالسبيل أن يجعل أكثر الأجرة للسنة الأولى حتى لا يفسخ المستأجر بعد مضيها العقد في بقية المدة ; لأنه قد لزمه أكثر الأجرة ، وإن انفسخ العقد لم يتضرر به صاحب الدار .

التالي السابق


الخدمات العلمية