الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : عبد دخل مكة مع مولاه بغير إحرام ، ثم أذن له مولاه فأحرم بالحج فعليه إذا عتق دم لترك الوقت ; لأنه مخاطب فيتحقق منه السبب الموجب للدم وهو تأخير الإحرام بالحج من ميقاته ، ولكن ما يلزمه من الدم إذا لم يكن له مال يتأخر إلى ما بعد العتق ، وهذا بخلاف النصراني يدخل مكة ، ثم يسلم ، ثم يحرم من مكة أو الصبي يدخل مكة بغير إحرام ، ثم يحتلم بمكة فيحرم بالحج فإن هناك لا يلزمه بترك الوقت شيء ; لأن النصراني لم يكن مخاطبا بالإحرام بالحج حين انتهى إلى الميقات فإن الخطاب بالإحرام إنما يتوجه على من يصح منه الإحرام ، وكذلك الصبي فلا يتحقق منهما تأخير الإحرام الواجب ; لأنه إنما لزمهما الإحرام عند الإسلام والبلوغ ، وعند ذلك هما بمكة ، وميقات إحرام الحج في حق من هو بمكة الحرم ، وقد أحرما منه بخلاف العبد على ما بينا ، وذكر في اختلاف زفر ويعقوب - رحمهما الله تعالى - أن النصراني لو أسلم أو بلغ الصبي فمات قبل إدراك الوقت وأوصى كل واحد منهما بأن يحج عنه حجة الإسلام فوصيتهما باطلة عند زفر رحمه الله تعالى ; لأنه لم يلزمهما الحج قبل إدراك الوقت إذ لا يتصور الأداء قبل إدراك الوقت فلا تصح وصيتهما به ، وعلى قول أبي يوسف يصح ; لأن سبب الوجوب قد تقرر في حقهما ، والوقت شرط الأداء وانعدام شرط الأداء لا يمنع تقرر سبب الوجوب فتصح وصيتهما بالأداء في وقته

التالي السابق


الخدمات العلمية