الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) وإذا كان لرجل نسوة فرضت النفقة لهن عليه بحسب الكفاية على ما قلنا ، فإن كانت إحداهن كتابية ، أو أمة قد بوأها مولاها معه بيتا فرض عليه لكل واحدة منهن ما يكفيها ولا تزاد الحرة المسلمة على الأمة والذمية شيئا ; لأن النفقة مشروعة للكفاية وهذا لا يختلف باختلاف الدين ولا باختلاف الحال في الرق والحرية ، فإن فرض ذلك وهو معسر وعلم القاضي ذلك منه أمرهن بالاستدانة عليه ففي هذا يعتدل النظر من الجانبين ، وإن كان الزوج غائبا ، فقد كان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول : أولا يأمرهن بالاستدانة عليه إذا كان يعلم النكاح بينه وبينهن وهو قول زفر رحمه الله تعالى كما يفعل ذلك عند حضرته ، ثم رجع فقال : لا يأمر بذلك وهو قولهما ; لأن فيه قضاء على الغائب وليس له ذلك ، وإن أمرهن بالاستدانة فلم يجدن ذلك لم يفرق بينه وبينهن ولم يجبره على طلاقهن عندنا . وعند الشافعي رحمه الله تعالى يفرق بينه وبينهن إذا طلبن ذلك ، لقوله تعالى { فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } والمعروف في الإمساك أن يوفيها حقها من المهر والنفقة فإذا عجز عن ذلك تعين التسريح بالإحسان ، وهو المعنى في ذلك ، فإن المستحق عليه أحد الشيئين فإذا تعذر أحدهما تعين الآخر .

ألا ترى أنه إذا عجز عن الوصول إليها بسبب الجب والعنة فرق بينهما لفوات الإمساك بالمعروف بل أولى ; لأن حاجتها إلى النفقة أظهر من حاجتها إلى قضاء الشهوة ، ولكن لما تعين التفريق لإيصالها إلى حقها من جهة عسره فرق القاضي بينهما ، فكذلك هنا تعين التفريق لإيصالها إلى حقها من جهة غيره ، وبه فارق المهر والنفقة المجتمعة عليه ، فإن التفريق ليس بطريق لإيصالها إلى ذلك الحق من جهة غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية