الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) رجل قال لابنه : يا ابن الزانية وأمه ميتة ولها ابن من غيره فجاء يطلب الحد يضرب القاذف الحد ; لأنه قذف الأم وهي محصنة ولكل واحد من الولدين حق الخصومة في الحد بنسبته إليها إلا أن أحدهما ابن القاذف والابن لا يخاصم أباه في إقامة العقوبة عليه فيكون كالمقذوف يبقى الآخر فله المطالبة بالحد ، وكذلك إن كان للميت المقذوف ابنان فصدق أحدهما كان للآخر أن يأخذه بالحد ; لأن الحد واجب لحق الله تعالى والمعتبر الخصومة ممن يلحقه الشين وكل واحد منهما أصل في هذه الخصومة كأنه ليس معه غيره فتصديق أحدهما لا يكون عاملا في [ ص: 124 ] حق الآخر ، وهذا بخلاف ما إذا قتلت امرأة ولها ابنان فعفى أحدهما أو كان أحد الابنين لها من القاتل حيث لا يكون للآخر استيفاء القصاص ; لأن القصاص حق العبد فكان ميراثا بين الاثنين فيسقط نصيب أحدهما ، إما بإسقاطه أو لمعنى الأبوة ويتعذر على الآخر الاستيفاء ; لأنه لا يحتمل التجزؤ ، فأما حد القذف حق الله تعالى ، ولم يصر ميراثا للابنين بل المعتبر الخصومة من كل واحد منهما وحق الخصومة ثابت لكل واحد منهما بكماله توضيحه أن المقذوف هنا منكر وجوب الحد لا مسقط له ، فإذا أثبت الآخر وجوب الحد بالحجة استوفاه الإمام بخلاف العفو في القصاص ، وإن لم يكن للمقذوف إلا ابن واحد فصدقه في القذف ثم أراد أن يأخذه بالحد ليس له ذلك ; لأنه مناقض في كلامه ومع التناقض لا تصح الدعوى فلا يقام الحد إلا بخصومة معتبرة

التالي السابق


الخدمات العلمية