الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وذكر عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { : والله ما يصلح إلي من فيئهم ولا مثل هذه الوبرة أخذها من سنام بعيره إلا الخمس والخمس مردود فيكم فأدوا الخيط والمخيط فإن الغلول عار وشنار على أهله يوم القيامة فجاء رجل من الأنصار بكبة من خيوط شعر فقال : أخذت هذه لأخيط بها بردعة بعير لي فقال صلى الله عليه وسلم : أما نصيبي فهو لك فقال : أما إذا بلغت هذا فلا حاجة لي بها } وفيه دليل حرمة الغلول وأن ذلك في القليل والكثير ويستدل الشافعي رحمه الله تعالى بالحديث في جواز هبة المشاع فقد وهب رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيبه من الرجل وكان مشاعا ولكنا نقول : مقصود رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المبالغة في المنع من الغلول يعني أنك تطلب مني أن أجعل لك هذه الكبة ولا ولاية [ ص: 28 ] لي إلا على نصيبي منها فقد جعلت نصيبي منها لك إن جاز ليبين به أنه ليس للإمام ولاية إبطال حق الغانمين وتخصيص أحدهم بشيء منه مع أن الكبة من الشعر لا تحتمل القسمة بين الجند لكثرتهم فإنه لا يصيب كل واحد منهم شيئا منتفعا به إذا قسمت وعندنا هبة المشاع فيما لا يحتمل القسمة يجوز وعن أبي المليح بن أسامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع { : كل ربا كان في الجاهلية موضوع وأول ربا يوضع ربا العباس بن عبد المطلب } زاد في رواية { : وكل دم كان في الجاهلية موضوع وأول دم يوضع دم ربيعة بن الحارث } وإن العباس رضي الله عنه بعد ما أسلم يوم بدر رجع إلى مكة بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يربي بمكة قبل نزول التحريم وبعد نزوله لأن حكم الربا لا يجري بين المسلم والحربي في دار الحرب وقد كانت مكة يومئذ دار حرب ، ثم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه موضوع لا خصومة فيه بعد الفتح وقيل : مراده أنه لا مطالبة له بما بقي منه بعد الفتح قال الله تعالى { وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين } وإنما بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بربا العباس رضي الله عنه فيما أخبر أنه موضوع ليبين أن فعله ليس على نهج الملوك فالملوك في الأوامر يبدءون بالأجانب وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمه ليبين للناس أن القريب والبعيد عنده في حكم الشرع سواء .

التالي السابق


الخدمات العلمية