الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( فإن قال أحدهما قد اشتريت متاعا فهلك مني ، وطالب شريكه بنصف ثمنه لم يصدق على شريكه بذلك القدر ) ; لأن كل واحد منهما وكيل صاحبه بالشراء ، إذا لم يكن الثمن مدفوعا إليه ، فقال : اشتريته وهلك في يدي لا يصدق في إلزام الثمن في ذمة الموكل . بخلاف ما إذا كان الثمن مدفوعا إليه ; لأن الوكيل أمين فيقبل قوله في براءته عن الضمان ، ولا يقبل قوله في إلزام الدين لنفسه في ذمة الموكل ; لأنه [ ص: 168 ] في ذلك غير أمين ، ولكن إذا دخل في ملكه ظاهرا مثل ما لزمه صح إلزامه إياه ، وذلك بمباشرة الشراء لا بإقراره . فكذلك هنا كل واحد منهما في مباشرة الشراء يلزم ذمة صاحبه مثل ما يدخله في ملكه ظاهرا ، فأما في الإقرار لا يدخل شيئا في ملك شريكه ظاهرا ; فلا يصدق في إلزام شيء في ذمته . والقول قول الشريك لإنكاره بعد أن يحلف ، وإنما يحلف على العلم لأنه استحلاف على فعل الغير - وهو شراء المدعي - والحلف على فعل الغير يكون على العلم ، كما أشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث القسامة { : يحلف لكم اليهود خمسين يمينا بالله ما قتلوه ولا علموا له قاتلا } . قال : ( وإن أقام البينة على الشراء والقبض ، ثم ادعى هلاك المتاع ، فالقول قوله مع يمينه على الهلاك ) ; لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة ، ثم هو أمين في المقبوض من نصيب صاحبه فيكون القول قوله في الهلاك مع يمينه ، ويتبع شريكه في نصف الثمن ; لأن هلاك المشترى في يد الوكيل إذا لم يمنعه من الموكل كهلاكه في يد الموكل . وكذلك إذا اشتريا متاعا وقبضاه ، ثم قبضه أحدهما ليبيعه ، وقال قد هلك ، فهو مصدق مع يمينه ; لأنه وكيل بالبيع في نصف صاحبه ، والوكيل بالبيع أمين فيما في يده ; فالقول في هلاكه قوله مع يمينه .

التالي السابق


الخدمات العلمية