الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( ولا بأس بالصلاة في بيت في قبلته تماثيل مقطوعة الرأس ) لأن التمثال تمثال برأسه فبقطع الرأس يخرج من أن يكون تمثالا ، بيانه فيما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدي إليه ثوب عليه تمثال طائر فأصبحوا ، وقد محا وجهه } وروي { أن جبريل صلوات الله عليه استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن له فقال كيف أدخل وفي البيت قرام فيه تمثال خيول رجال ، فإما أن تقطع رءوسها أو تتخذ وسائد فتوطأ } ، ولأن بعد قطع الرأس صار بمنزلة تماثيل الشجر وذلك غير مكروه إنما المكروه تمثال ذي الروح ، هكذا روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه نهى مصورا عن التصوير فقال : كيف أصنع وهو كسبي قال : إن لم يكن بد فعليك بتمثال الأشجار ، وإن عليا رضي الله تعالى عنه قال من صور تمثال ذي الروح كلف يوم القيامة أن ينفخ فيه الروح وليس بنافخ وإن لم تكن مقطوعة الرأس كرهتها في القبلة ; لأن فيه تشبيها بمن يعبد الصور ، ولكن هذا إذا كان كبيرا يبدو [ ص: 211 ] للناظرين من بعيد ، فإن كان صغيرا فلا بأس ; لأن من يعبد الصورة لا يعبد الصغير منها جدا ، وقد كان على خاتم أبي موسى ذبابتان ، ولما وجد خاتم دانيال صلوات الله وسلامه عليه كان على فصه أسدان بينهما رجل يلحسانه كأنه كان يحكي بهذا الابتداء ، أو لأن التمثال في شريعة من قبلنا كان حلالا ، قال الله تعالى : { يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل } وكما يكره في القبلة يكره في السقف أو عن يمين القبلة أو عن يسارها ; لأن الأثر قد جاء أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب أو صورة فيجب تنزيه مواضع الصلاة عن ذلك إلا أنه إذا كانت الصورة على الحائط الذي هو خلف المصلي فالكراهة فيه أيسر ; لأن معنى التعظيم والتشبيه بمن يعبد الصور تنعدم هنا ، وكذلك إن كانت الصورة على الأرض والأزر والستور ، وأما على البساط فنقول : اتخاذ الصورة على البساط مكروه ، ولكن لا بأس بالنوم والجلوس عليه ; لأن البساط يوطأ فلا يحصل فيه معنى التعظيم ، وكذلك الوسادة ، ألا ترى أنه قال في حديث جبريل أو تتخذ وسائد فتوطأ ، فإن كان المصلي على البساط إن كانت الصورة في موضع وجهه أو أمامه فهو مكروه ; لأن فيه معنى التعظيم يحصل بتقرب الوجه من الصورة ، وإن كانت في موضع قدميه فلا بأس به ; لأن معنى التعظيم فيه لا يحصل فصلاته جائزة على كل ; لأن الكراهة ليست لمعنى راجع إلى الصلاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية