الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وللأب أن يصالح عن دم عمد واجب لابنه الصغير أو المعتوه على الدية ; لأنه متمكن من استيفاء القود الواجب لولده في النفس وما دون النفس كهو في حق نفسه ; لأن الولد جزء منه وولايته عليه فيما يرجع إلى استيفاء حقه ولاية كاملة تعم المال والنفس جميعا بمنزلة ولايته على نفسه ، فإذا جاز له أن يستوفي القود جاز صلحه بطريق الأولى ; لأن المقصود باستيفاء القود تشفي الغيظ وذلك يحصل للصبي في الثاني إذا عقل ، وإذا صالح على الدية تصل إليه منفعة في الحال ، ثم هو بالصلح يجعل ما ليس بمال من حقه مالا فيتمحض تصرفه نظير الصبي .

وإن حط عنه شيئا من الدية لم يجز ما حط قل ذلك أو كثر ; لأنه فيما حط مسقط لحقه غير مستوف له ولاية الاستيفاء في حق الصغير ، وهذا بخلاف البيع ، فإنه لو باع ماله بغبن يسير جاز ; لأن البدل في البيع غير مقدر شرعا والقيمة تعرف بالحزر والظن والمقومون يختلفون فيها ففي الغبن اليسير لا يتيقن بترك النظر فيه بإسقاط شيء من حقه وهنا الدية مقدرة شرعا ، فإذا نقص عن المقدر شرعا فقد أسقط من حقه شيئا تيقن وذلك غير صحيح منه فعلى القاتل تمام الدية .

التالي السابق


الخدمات العلمية