الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو دفع إليه أرضا ، وكر حنطة ، وكر شعير على أنه إن زرع الحنطة فيها فالخارج بينهما نصفان ، والشعير مردود عليه ، وإن زرعها الشعير فالخارج لصاحب الأرض ، ويرد الحنطة كلها ، فهو كله جائز على ما اشترطا ; لأنه استعان بالعامل في أحد العقدين ، واستأجره بنصف الخارج في الآخر ، وخيره بينهما ، وكل واحد منهما صحيح عند الانفراد ، ولو اشترط الخارج من الشعير للعامل جاز أيضا ; لأن اشتراط [ ص: 44 ] جميع الخارج له يكون إقراضا منه ، وقد بينا هذا أنه بانفراده صحيح ، فكذلك عند التخيير بينه ، وبين المزارعة ، ولو دفع إليه الأرض وحدها على أنه إن زرعها حنطة فالخارج بينهما نصفان ، وإن زرعها شعيرا فالخارج كله للعامل ، وإن زرعها سمسما فالخارج كله لصاحب الأرض ؟ ; فلهذا جاز في الحنطة والشعير على ما قالا ; لأن العقد في الحنطة مزارعة صحيحة بينهما في النصف ، وفي الشعير إعارة للأرض من العامل ، وهو صحيح أيضا ، وأما في السمسم فلا يجوز ; لأن في السمسم يكون دافعا للأرض مزارعة بجميع الخارج ، وهي مطعونة عيسى - رحمه الله - لما بينا ، ولو كان البذر من صاحب الأرض جاز في جميع ذلك على ما قالاه ; لأنه في الحنطة العقد مزارعة صحيحة ، وفي السمسم استعانة بالعامل ، وفي الشعير إقراض للبذر منه ، وإعارة للأرض ، وكل واحد صحيح عند الانفراد ، فكذلك إذا خيره بين هذه الأنواع ; لأنه ما جعل البعض مشروطا في البعض إنما عطف البعض على البعض فلا يتولد من هذا العطف معنى يفسد به العقد ، والله أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية