الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا دفع الرجل إلى رجلين أرضا وبذرا على أن لأحدهما بعينه ثلث الخارج وللآخر عشرين قفيزا من الخارج ، ولرب الأرض ما بقي ، فزرعاها ، فأخرجت الأرض زرعا كثيرا فالثلث للذي سمي له الثلث ، والثلثان لصاحب الأرض ، وللآخر أجر مثله : أخرجت الأرض شيئا ، أو لم تخرج ; لأن عقد المزارعة بينه وبين الذي شرط له الثلث صحيح ، وبينه وبين الآخر فاسد ; لأنه شرط له شرطا يؤدي إلى قطع الشركة في الخارج مع حصوله ، والمزارعة بمثل هذا الشرط تفسد ، ولكن عقده مع أحدهما معطوف على العقد مع الآخر بحرف العطف ، وليس بمشروط فيه ، ففساد العقد بينه وبين أحدهما لا يفسد العقد بينه وبين الآخر ، فإن اختلفا في الذي شرط له الثلث منهما فالقول قول رب الأرض ; لأن كل واحد منهما يدعي الاستحقاق عليه بالشرط ، وإن أقاما البينة كان لكل واحد منهما ثلث الخارج لأحدهما بإقرار رب الأرض له به ، وللآخر بإثباته بالبينة ، ولو لم تخرج الأرض شيئا كان القول قول رب الأرض في الذي له أجر مثله منهما ، فإن أقام كل واحد منهما البينة على ما ادعى فالبينة بينة رب الأرض ; لأن رب الأرض صدق أحدهما فيما ادعى عليه من أجر المثل ، وإنما بقيت الدعوى بينه وبين الآخر ، ورب الأرض ببينة تثبت شرط [ ص: 97 ] صحة العقد بينه وبين الآخر والآخر ينفي ذلك ببينته ، وقد بينا أن البينة التي تثبت شرط صحة العقد تترجح بخلاف ما سبق ، فهناك كل واحد من العقدين صحيح ، فلا يكون رب الأرض ببينته مثبتا شرط صحة العقد ، ولو كان صاحب الأرض اثنين على مثل هذا الشرط دفعاه إلى واحد ، والبذر من قبل المزارع كان في جميع هذه الوجوه مثل ما بينا من حكم صاحب الأرض حين كان البذر من قبله ; لاستوائهما في المعنى ، وذلك يتضح لك إذا تأملت . والله أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية