الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو دفع نخلا إلى رجلين يقومان عليه ويلقحانه بتلقيح من عندهما على أن لأحد العاملين بعينه نصف الخارج وللآخر سدسه ولرب النخل ثلثه - فهو جائز ; لأن رب النخل استأجرهما للعمل في نخيله ، وفاوت بينهما في الأجر ، وذلك جائز ، كما لو استأجر أحدهما للعمل بمائة درهم والآخر بمائة دينار وكذلك لو اشترطوا أن لأحد العاملين بعينه أجر مائة درهم على رب النخيل ، وللآخر ثلث الخارج ، ولرب النخيل ثلثاه ، أو على عكس ذلك - كان جائزا ; لأنه استأجر أحدهما بعينه بأجر مسمى ، والآخر بعينه بجزء من الخارج ، وكل واحد من هذين العقدين يصح عند الانفراد بهذه الصفة ، فكذا إذا جمع بينهما . ولو اشترطوا لصاحب النخل الثلث ، ولأحد العاملين بعينه الثلثين ، وللآخر أجرا مائة درهم على العامل الذي شرط له الثلثين - كان هذا فاسدا ; لأن هذا بمنزلة رجل دفع إلى رجل نخلا له معاملة هذه السنة على أن لصاحب النخل الثلث وللعامل الثلثين ، وعلى أن يستأجر العامل فلانا يعمل معه بمائة درهم - فهذا شرط فاسد ، والمعاملة تفسد به ; لأنه اشترط إجارة في إجارة . ( ألا ترى ) أنه لو استأجر رجلا هذه السنة بمائة درهم يقوم على العمل في نخيله على أن يستأجر فلانا يعمل معه بخمسين درهما - كان العقد فاسدا ; لأنه اشترط إجارة في إجارة ، واشتراط أحد العقدين في الآخر يكون مفسدا لهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية