الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو دخل مسلمان دار الحرب بأمان فاشترى أحدهما أرضا فدفعها إلى صاحبه مزارعة بالنصف ، فاستحصد الزرع ولم يحصد حتى ظهر المسلمون على الدار - فالأرض والزرع فيء لما قلنا . وإن ظهروا علينا بعد ما حصد الزرع فالأرض فيء والزرع بينهما على ما اشترطا ; لأنه منقول مشترك بين المسلمين في دار الحرب ، فلا يصير غنيمة بالظهور على الدار . وإن دفعها المسلم إلى حربي مزارعة بالنصف والبذر من أحدهما بعينه ، والعمل عليهما جميعا ، فأخرجت الأرض الزرع ، ثم أسلم أهل وقد استحصد الزرع ، أو لم يستحصد - جاز في قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - والخارج بينهما على الشرط . وفي قول أبي يوسف - رحمه الله - الخراج لصاحب البذر ، وللآخر الأجر ، وهذا لأن اشتراط عمل صاحب الأرض مع المزارع في المزارعة إنما يفسد العقد في دار الإسلام ، فأما في دار الحرب بين المسلم والحربي فهو على الخلاف الذي بينا . ولو لم يسلم أهل الدار . ولكن ظهر المسلمون على الدار - كانت الأرض وما فيها فيئا ولا شيء لأحدهما على صاحبه من أجر ولا غيره ; لأن هذه المعاملة كانت في دار الحرب فلا يطالب أحدهما صاحبه بشيء منه بعد ما ظهر المسلمون على الدار ; لأن الأرض إن كانت للحربي فقد صارت غنيمة ، وكذلك إن كانت للمسلم فلا يكون له أن يطالب صاحبه بأجرها ، ونفس الحربي تبدلت بالرق فلا تتوجه له المطالبة بالأجر على المسلم ، ولا للمسلم عليه وإن تركهم الإمام في أرضهم كما ترك عمر - رضي الله عنه - أهل السواد [ ص: 123 ] فهذا بمنزلة إسلامهم عليها ; لأنه يقرر ملكهم في أراضيهم وحريتهم في رقابهم بالمن كما يتقرر ذلك بالإسلام لو أسلموا . والمعاملة كالمزارعة في جميع ما ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية