الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( كغيره أو قرن أو صرفه لنفسه وأعاد إن تمتع )

                                                                                                                            ش : لما ذكر أن مفهوم قوله إن عين العام أنه إذا لم يعين العام لم تنفسخ الإجارة في جميع الصور السبع وليس الحكم كذلك نفى ذلك بقوله كغيره يعني أو قرن كغير المعين إذا خالف إلى القران والمعنى أنه كما تنفسخ الإجارة إذا كان العام معينا في الصور المذكورة كذلك تنفسخ الإجارة إذا لم يكن معينا ولكنه خالف إلى القران وذلك في صورتين : الأولى إذا شرط عليه الإفراد بوصية الميت فقرن ، الثانية إذا شرط عليه التمتع فقرن أما الأولى فقد نص في التوضيح على أن الإجارة تنفسخ فيها فإنه قال : إذا شرط عليه الإفراد بوصية الميت فخالفه فقرن انفسخت الإجارة سواء كان العام معينا أم لا وإن خالفه بتمتع لم تنفسخ وأعاد إذا كان العام غير معين انتهى . وأما الثانية فلم أر من صرح بذلك فيها ولكن الظاهر أن حكمها وحكم الأولى سواء وأما قوله : أو صرفه لنفسه فمعناه أنه إذا أحرم بالحج عن الميت ثم صرفه لنفسه فإن الإجارة تنفسخ وظاهره سواء كان العام معينا أم لا ولم أر من صرح به والظاهر أنه كذلك والذي في الطراز في آخر باب النيابة إذا أحرم الأجير عن الميت ثم بدا له فصرف إحرامه لنفسه لم يجزه عن حجه عن نفسه ولا عن حج الإجارة لأنه قصد بالعمل نفسه دون المستأجر فلا يستحق أجرة في عمل لم يقصد به عمل الإجارة انتهى . وحمل الشيخ بهرام كلام المصنف على من حج عن نفسه وكان العام معينا بعيد من اللفظ جدا والله أعلم . وأما قوله : وأعاد إن تمتع فيعني به أنه إذا خالف ما اشترط عليه إلى التمتع وكان العام غير معين فإن الإجارة لا تنفسخ ويعيد الحج في عام آخر وذلك شامل لصورتين : الأولى أن يشترط عليه الإفراد بوصية الميت فيخالف إلى التمتع وقد تقدم في كلام التوضيح أن الإجارة لا تنفسخ وأنه يعيد إذا كان غير معين والثانية أن يشترط عليه القران فيتمتع ولم أر من صرح فيها بذلك والظاهر أن حكمهما سواء قال في التوضيح وفرق بين القارن والمتمتع بأن عداء القارن خفي لأنه في النية فلا يؤمن عودته فلهذا لا يمكن من الإعادة وعداء المتمتع ظاهر فلهذا مكن من العود قال : وفيه نظر لأنا لو راعينا أمر النية لم تجز هذه الإجارة لاحتمال أن يحرم عن نفسه ثم ذكر فرقين ضعيفين جدا .

                                                                                                                            ( قلت ) : وفي كلام صاحب الطراز إشارة إلى الفرق الذي ذكرناه ويحتمل أن يكون قوله وفسخت راجع إلى هذه المسائل السبع التي ذكر أن حج الأجير فيها لا يجزئ فأراد أن يبين ما يفعل فيها من الحكم بعدم الإجزاء فذكر أنه إذا كان العام معينا وعدم فيه الحج انفسخت [ ص: 559 ] الإجارة وأما إذا كان غير معين فتنفسخ إذا خالف للقران لا للتمتع فإن قلت : ما فائدة قوله : وعدم قلت : لعله يشير - والله أعلم - إلى أن الفسخ إنما هو حيث فات أن يؤتى بالحج على الوجه المشترط إما بفوات وقته أو بتلبسه أو بالإحرام على وجه لا يخلو منه إلا بعد فوات الحج كما إذا شرط عليه الإفراد بوصية الميت فقرن أو شرط عليه التمتع فقرن أو شرط عليه القران أو التمتع فأفرد أو خالف الميقات المشترط وأحرم من غيره فأما إذا شرط الإفراد فأتى بعمرة في أشهر الحج ليحج بعدها ويكون متمتعا فقيل له : هذا لا يجزئه فعاد إلى البلد الذي خرج منها وحج منها بالإفراد فيجزئه وهذا ظاهر وكذا لو شرط عليه القران فتمتع فتأمله ، وذكر ابن غازي في كلام المصنف احتمالين آخرين واستظهر أحدهما على الآخر ، وعندي أن الأمر بالعكس إذا قرن كغيره وقرن بالواو والذي يظهر من سياق كلام ابن غازي أنه بأو وأنه مسألة مستقلة والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية