الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وإن لحيض رجي رفعه )

                                                                                                                            ش : يعني أن إحرام الحائض من أهل مصر والشام ونحوهم من الحليفة أولى من تأخيرهم الإحرام إلى الجحفة ` ` ، وإن أدى ذلك إلى إحرامها الآن من غير صلاة وكانت ترتجي إذا أخرت إلى الجحفة أن تطهر وتغتسل وتصلي للإحرام [ ص: 38 ] وقال في الطراز في باب ما يفعل عند الإحرام ، وقال مالك في المختصر لا تؤخر إلى الجحفة رجاء أن تطهر ، وهو بين ; لأن الإحرام بذي الحليفة أفضل إجماعا ، فإنها تقيم في العبادة أياما قبل أن تصل إلى الجحفة فلا يفي غسلها بفضل تقدمة إحرامها من ميقات النبي صلى الله عليه وسلم ا هـ . ( قلت : ) ، وفي قوله : لا يفي غسلها نظر ; لأنه يقتضي أن الحائض لا تغتسل وليس كذلك كما صرح به هو وغيره ، ولعله أراد أن يقول : فلا يفي ركوعها ; لأن الركوع هو الذي يفوتها في تعجيل الإحرام من ذي الحليفة ، ووقع له ذلك أيضا في موضع آخر قبل هذا ، ونصه : إن كانت الحائض والنفساء من أهل ذي الحليفة وأمكنها المقام في أهلها حتى تطهر فاستحسن الشافعي أن لا تعجل بالسفر إن لم تدعها إليه ضرورة ، وتؤخر حتى تطهر فتغتسل وتركع وتحرم على أكمل حالها ، وقال مالك عند محمد : تغتسل ، ولا تؤخر لانتظار الطهر ، وهو بين ، فإنها إذا أحرمت من الآن دخلت في العبادة ، والذي يفوتها من الفضيلة بالحرمان فوق ما يفوتها من فضيلة الغسل بعد أيام وزمان انتهى .

                                                                                                                            ونقله ابن عبد السلام في الكلام على سنن الإحرام ، وذكره في الشامل أيضا ، وفي كلام سند الأخير فائدة أخرى ، وهي : التصريح بأن الحائض والنفساء إذا كانتا ممن يجب عليهما الإحرام من ذي الحليفة لا يرخص لهما عند مالك في تأخير الإحرام إلى الجحفة رجاء أن تطهر ، وهو ظاهر كلام النوادر ونصه : ولا تؤخر الحائض من ذي الحليفة إلى الجحفة رجاء أن تطهر انتهى .

                                                                                                                            فظاهره سواء كانت ممن يجب عليها الإحرام من ذي الحليفة أو ممن يستحب لها ، وهو أيضا ظاهر كلام سند الأول الذي نقله عن مالك في المختصر ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية